واعلموا أن مجازكم على الصراط ومزالق دحضه (1) وأهاويل زلله، وتارات أهواله. فاتقوا الله عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه، وأنصب الخوف بدنه، وأسهر التهجد غرار (2) نومه، وأظمأ الرجاء هواجر (3) يومه، وظلف الزهد شهواته (4)، وأوجف الذكر بلسانه (5)، وقدم الخوف لأمانه، وتنكب المخالج (6) عن وضح السبيل، وسلك أقصد المسالك إلى النهج المطلوب، ولم تفتله فاتلات الغرور، ولم تعم عليه مشتبهات الامور. ظافرا بفرحة البشرى، وراحة النعمى في أنعم نومه وآمن يومه. قد عبر معبر العاجلة حميدا، وقدم زاد الآجلة سعيدا.
وبادر من وجل، وأكمش (7) في مهل. ورغب في طلب، وذهب عن هرب، وراقب في يومه غده، ونظر قدما أمامه. فكفى بالجنة ثوابا ونوالا، وكفى بالنار عقابا ووبالا! وكفى بالله منتقما ونصيرا! وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما!
أوصيكم بتقوى الله الذي أعذر بما أنذر، واحتج بما نهج، وحذركم عدوا نفذ في الصدور خفيا، ونفث في الآذان نجيا (8)؛ فأضل وأردى، ووعد فمنى، وزين سيئات الجرائم، وهون موبقات العظائم. حتى إذا استدرج قرينته (9)، واستغلق