موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ١٠ - الصفحة ٢٥٥
أدرج في أكفانه مبلسا (١)، وجذب منقادا سلسا. ثم القي على الأعواد رجيع وصب (٢)، ونضو (٣) سقم، تحمله حفدة الولدان، وحشدة الإخوان، إلى دار غربته، ومنقطع زورته، ومفرد وحشته. حتى إذا انصرف المشيع، ورجع المتفجع؛ اقعد في حفرته، نجيا لبهتة السؤال، وعثرة الامتحان. وأعظم ما هنالك بلية نزول الحميم، وتصلية الجحيم، وفورات السعير، وسورات (٤) الزفير. لا فترة مريحة، ولا دعة مزيحة، ولا قوة حاجزة، ولا موتة ناجزة، ولا سنة مسلية بين أطوار الموتات وعذاب الساعات، إنا بالله عائذون!
عباد الله! أين الذين عمروا فنعموا، وعلموا ففهموا، وانظروا فلهوا وسلموا فنسوا!. أمهلوا طويلا، ومنحوا جميلا، وحذروا أليما، ووعدوا جسيما. احذروا الذنوب المورطة، والعيوب المسخطة.
اولي الأبصار والأسماع، والعافية والمتاع! هل من مناص أو خلاص، أو معاذ أو ملاذ، أو فرار أو محار (٥) أم لا؟ ﴿فأنى تؤفكون﴾ (6)! أم أين تصرفون! أم بماذا تغترون! وإنما حظ أحدكم من الأرض ذات الطول والعرض قيد (7) قده، متعفرا

(١) المبلس: الساكت من الحزن أو الخوف. والإبلاس: الحيرة (النهاية: ١ / ١٥٢).
(٢) الرجيع من الدواب: ما رجعته من سفر إلى سفر؛ وهو الكال. والوصب: دوام الوجع ولزومه، وقد يطلق على التعب والفتور في البدن (لسان العرب: ٨ / ١١٦ وج ١ / ٧٩٧).
(٣) النضو: الدابة التي أهزلتها الأسفار، وأذهبت لحمها (النهاية: ٥ / ٧٢).
(٤) سورات: جمع سورة؛ أي شدة. وزفرت النار: سمع لتوقدها صوت (تاج العروس: ٦ / ٥٥٢ وص ٤٦٥).
(٥) من حار يحور: إذا رجع (النهاية: ١ / ٤٥٩).
(٦) الأنعام: ٩٥ وغيرها. وأفكه: أي صرفة عن الشيء وقلبه (النهاية: ١ / ٥٦).
(٧) قيد: أي قدر (النهاية: ٤ / 131).
(٢٥٥)
مفاتيح البحث: الحزن (1)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست