حتى إذا تصرمت الامور، وتقضت الدهور، وأزف (1) النشور؛ أخرجهم من ضرائح القبور، وأوكار الطيور، وأوجرة (2) السباع، ومطارح المهالك، سراعا إلى أمره، مهطعين (3) إلى معاده. رعيلا صموتا، قياما صفوفا. ينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي. عليهم لبوس الاستكانة، وضرع الاستسلام والذلة. قد ضلت الحيل، وانقطع الأمل. وهوت الأفئدة كاظمة، وخشعت الأصوات مهينمة (4).
وألجم (5) العرق، وعظم الشفق، وأرعدت الأسماع لزبرة الداعي إلى فصل الخطاب، ومقايضة الجزاء، ونكال العقاب، ونوال الثواب.
عباد مخلوقون اقتدارا، ومربوبون اقتسارا، ومقبوضون احتضارا، ومضمنون أجداثا، وكائنون رفاتا (6). ومبعوثون أفرادا، ومدينون جزاء، ومميزون حسابا. قد أمهلوا في طلب المخرج، وهدوا سبيل المنهج، وعمروا مهل المستعتب، وكشفت عنهم سدف (7) الريب، وخلوا لمضمار الجياد، وروية الارتياد، وأناة المقتبس المرتاد، في مدة الأجل، ومضطرب المهل.
فيالها أمثالا صائبة، ومواعظ شافية، لو صادفت قلوبا زاكية، وأسماعا واعية، وآراء عازمة، وألبابا حازمة!
فاتقوا الله تقية من سمع فخشع، واقترف فاعترف، ووجل فعمل، وحاذر