موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ١٠ - الصفحة ٢٥٤
رهينته، أنكر ما زين، واستعظم ما هون، وحذر ما أمن.
أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام، وشغف (1) الأستار، نطفة دهاقا (2)، وعلقة محاقا، وجنينا وراضعا، ووليدا ويافعا. ثم منحه قلبا حافظا، ولسانا لافظا، وبصرا لاحظا؛ ليفهم معتبرا، ويقصر مزدجرا. حتى إذا قام اعتداله، واستوى مثاله؛ نفر مستكبرا، وخبط سادرا (3)، ماتحا في غرب (4) هواه، كادحا سعيا لدنياه، في لذات طربه، وبدوات أربه (5)، ثم لا يحتسب رزية، ولا يخشع تقية. فمات في فتنته غريرا (6)، وعاش في هفوته يسيرا. لم يفد عوضا، ولم يقض مفترضا. دهمته فجعات المنية في غبر (7) جماحه، وسنن مراحه، فظل سادرا، وبات ساهرا، في غمرات الآلام، وطوارق الأوجاع والأسقام، بين أخ شقيق، ووالد شفيق، وداعية بالويل جزعا، ولادمة (8) للصدر قلقا. والمرء في سكرة ملهثة، وغمرة (9) كارثة، وأنة موجعة، وجذبة مكربة، وسوقة متعبة. ثم

(١) الشغف: جمع شغاف القلب، وهو حجابه، فاستعاره لموضع الولد (النهاية: ٢ / ٤٨٣).
(٢) نطفة دهاقا: أي نطفة قد أفرغت إفراغا شديدا؛ فهو إذا من الأضداد (النهاية: ٢ / ١٤٥).
(٣) سادرا: أي لاهيا (النهاية: ٢ / ٣٥٤).
(٤) الماتح: المستقي من البئر بالدلو من أعلى البئر. والغرب: الدلو العظيمة (النهاية: ٤ / ٢٩١ وج ٣ / ٣٤٩).
(٥) دوات: آراء تظهر للرجل فيختار بعضا ويسقط بعض (تاج العروس: ١٩ / ١٩٠).
(٦) الغرير: المغرور (لسان العرب: ٥ / ١٣).
(٧) الغبر: جمع الغابر؛ أي الباقي (النهاية: ٣ / ٣٣٨).
(٨) أي ضاربات. والالتدام: ضرب النساء وجوههن في النياحة (النهاية: ٤ / ٢٤٥).
(٩) غمرة كل شيء: منهمكه وشدته، كغمرة الهم والموت ونحوهما (لسان العرب: ٥ / 29).
(٢٥٤)
مفاتيح البحث: المنح (1)، الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست