ناهيا، فأصبحت منهيا، وقد أحببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون " (1).
على هذا الضوء لا يستطيع الحكم العلوي تحقيق مراميه الإصلاحية إلا على أساس الاختيار الشعبي الحر لبرامج الإمام بهذا الشأن، وإلا فالإمام لا يرى نفسه مخولا باستخدام منطق القوة والتوسل بالسيف لإجبار الناس على طاعته، فالجمهور سوف ينتخب الطريق الذي يريده هو.
وبعبارة أخرى: إن إحدى أجوبة الإمام على هذا التساؤل: لماذا ترك الناس الإمام وحيدا؟ هو: إنني لست على استعداد أن أجبر هؤلاء على الطاعة بمنطق السيف؛ فهذا الأسلوب وإن كان يحل مشكلة الحكم مؤقتا، إلا أن هذا الحكم لن يغدو بعدئذ حكما علويا!
لقد تكرر هذا المعنى في كلام الإمام، ففي خطاب لأهل الكوفة، قال بعد أن بث شكواه منهم: " يا أهل الكوفة! أتروني لا أعلم ما يصلحكم؟! بلى، ولكني أكره أن أصلحكم بفساد نفسي "، وكما قال مرة أخرى: " ولقد علمت أن الذي يصلحكم هو السيف، وما كنت متحريا صلاحكم بفساد نفسي، ولكن سيسلط عليكم بعدي سلطان صعب ".
يوجه الإمام في هذا الكلام خطابه إلى أولئك الذين أساؤوا استخدام أجواء الحرية في ظلال حكمه، وصاروا يتمردون على طاعته؛ بأنني أستطيع كبقية السياسيين المحترفين أن أضطركم إلى إطاعتي، وبمقدوري أن أقوم أودكم ببساطة من خلال القوة وعبر منطق السيف؛ بيد أنني أربأ بنفسي أن أقدم على