موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ٧ - الصفحة ١٧٩
وتوظيفها بأقصى مداها حتى يقضي على جميع المناوئين، معبرا عن هذا النهج بقوله: " فمن نازعني قصمته، ومن دنا مني أكرمته، ومن نأى عني طلبته، ومن ثبت لي طاعنته، ومن ولى عني لحقته، ومن أدركته قتلته... إن آلتي: ازرع بدرهمك من يواليك، واحصد بسيفك من يعاديك ".
وافق عبد الملك على هذا النهج، وكتب للحجاج عهده على العراقين أعني الكوفة والبصرة سنة (٧٤) للهجرة.
أما الحجاج فكان أول ما نطق به في أول لقاء جمعه مع أهل الكوفة، قوله لهم:
" إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، وكأني أنظر إلى الدماء، وإنها لترقرق بين العمائم واللحى... واعلموا أني لا أعد إلا وفيت، ولا أقول إلا أمضيت، ولا أدنو إلا فهمت، ولا أبعد إلا سمعت، فإياكم وهذه الهنات والجماعات والبطالات، وقال وقيل وماذا يقول، وأمر فلان إلى ماذا يؤول. وما أنتم يا أهل العراق ويا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق! وإنما أنتم أهل قرية ﴿كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون﴾ (1)...؛ ألا إن سيفي سيروى من دمائكم، ويفري من جلودكم، فمن شاء فليحقن دمه " (2).

(١) النحل: ١١٢.
(2) الفتوح: 7 / 8 - 10. كما قال المسعودي: " مات الحجاج في سنة خمس وتسعين، وهو ابن أربع وخمسين سنة بواسط العراق، وكان تأمره على الناس عشرين سنة، وأحصي من قتله صبرا سوى من قتل في عساكره وحروبه فوجد مائة وعشرين ألفا، ومات وفي حبسه خمسون ألف رجل، وثلاثون ألف امرأة، منهن ستة عشر ألفا مجردة. وكان يحبس النساء والرجال في موضع واحد، ولم يكن للحبس ستر يستر الناس من الشمس في الصيف ولا من المطر والبرد في الشتاء، وكان له غير ذلك من العذاب ما أتينا على وصفه في الكتاب الأوسط.
وذكر أنه ركب يوما يريد الجمعة، فسمع ضجة، فقال: ما هذا؟ فقيل له: المحبوسون يضجون ويشكون ما هم فيه من البلاء، فالتفت إلى ناحيتهم وقال: (اخسئوا فيها ولا تكلمون) فيقال: إنه مات في تلك الجمعة، ولم يركب بعد تلك الركبة " (مروج الذهب: 3 / 175).
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 175 176 177 178 179 180 181 183 184 185 ... » »»
الفهرست