وتوظيفها بأقصى مداها حتى يقضي على جميع المناوئين، معبرا عن هذا النهج بقوله: " فمن نازعني قصمته، ومن دنا مني أكرمته، ومن نأى عني طلبته، ومن ثبت لي طاعنته، ومن ولى عني لحقته، ومن أدركته قتلته... إن آلتي: ازرع بدرهمك من يواليك، واحصد بسيفك من يعاديك ".
وافق عبد الملك على هذا النهج، وكتب للحجاج عهده على العراقين أعني الكوفة والبصرة سنة (٧٤) للهجرة.
أما الحجاج فكان أول ما نطق به في أول لقاء جمعه مع أهل الكوفة، قوله لهم:
" إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، وكأني أنظر إلى الدماء، وإنها لترقرق بين العمائم واللحى... واعلموا أني لا أعد إلا وفيت، ولا أقول إلا أمضيت، ولا أدنو إلا فهمت، ولا أبعد إلا سمعت، فإياكم وهذه الهنات والجماعات والبطالات، وقال وقيل وماذا يقول، وأمر فلان إلى ماذا يؤول. وما أنتم يا أهل العراق ويا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق! وإنما أنتم أهل قرية ﴿كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون﴾ (1)...؛ ألا إن سيفي سيروى من دمائكم، ويفري من جلودكم، فمن شاء فليحقن دمه " (2).