اجتمعتم كأنكم قد جئتم لنهب؟ شاهت الوجوه، كل إنسان آخذ بأذن صاحبه، ألا من أريد، جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا، أخرجوا عنا، أما والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم منا أمر لا يسركم، ولا تحمدوا غب رأيكم، ارجعوا إلى منازلكم؛ فإنا والله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا.
قال: فرجع الناس، وخرج بعضهم حتى أتى عليا فأخبره الخبر، فجاء علي (عليه السلام) مغضبا حتى دخل على عثمان، فقال: أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك عن دينك وعن عقلك، مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به؟
والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه، وأيم الله إني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك، وغلبت على أمرك.
فلما خرج علي، دخلت عليه نائلة بنت الفرافصة امرأته، فقالت: أتكلم أو أسكت؟ فقال: تكلمي.
فقالت: قد سمعت قول علي لك وإنه ليس يعاودك، وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء، قال: فما أصنع؟ قال: تتقي الله وحده لا شريك له، وتتبع سنة صاحبيك من قبلك؛ فإنك متى أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبة، وإنما تركك الناس لمكان مروان، فأرسل إلى علي فاستصلحه؛ فإن له قرابة منك وهو لا يعصى.
قال: فأرسل عثمان إلى علي فأبى أن يأتيه، وقال: قد أعلمته أني لست بعائد (1).