فقال علي: علام أردهم؟ قال: على أن أصير إلى ما أشرت به علي ورأيته لي، ولست أخرج من يديك.
فقال علي: إني قد كنت كلمتك مرة بعد مرة، فكل ذلك نخرج فتكلم، ونقول وتقول، وذلك كله فعل مروان بن الحكم وسعيد بن العاص وابن عامر ومعاوية، أطعتهم وعصيتني. قال عثمان: فإني أعصيهم وأطيعك.
قال: فأمر الناس فركبوا معه؛ المهاجرون والأنصار قال: وأرسل عثمان إلى عمار بن ياسر يكلمه أن يركب مع علي فأبى، فأرسل عثمان إلى سعد ابن أبي وقاص، فكلمه أن يأتي عمارا فيكلمه أن يركب مع علي، قال: فخرج سعد حتى دخل على عمار فقال: يا أبا اليقظان، ألا تخرج فيمن يخرج وهذا علي يخرج فأخرج معه، واردد هؤلاء القوم عن إمامك؛ فإني لأحسب أنك لم تركب مركبا هو خير لك منه.
قال: وأرسل عثمان إلى كثير بن الصلت الكندي - وكان من أعوان عثمان - فقال: انطلق في إثر سعد فاسمع ما يقول سعد لعمار، وما يرد عمار على سعد، ثم ائتني سريعا.
قال: فخرج كثير حتى يجد سعدا عند عمار مخليا به، فألقم عينه جحر الباب، فقام إليه عمار ولا يعرفه وفي يده قضيب، فأدخل القضيب الجحر الذي ألقمه كثير عينه، فأخرج كثير عينه من الجحر وولى مدبرا متقنعا، فخرج عمار فعرف أثره ونادى: يا قليل ابن أم قليل؛ أعلي تطلع وتستمع حديثي! والله لو دريت أنك هو لفقأت عينك بالقضيب؛ فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أحل ذلك، ثم رجع عمار إلى سعد فكلمه سعد وجعل يفتله بكل وجه، فكان آخر ذلك أن قال عمار:
والله لا أردهم عنه أبدا.