حادثة تذكر ولم يعترض عليها أحد يومئذ، ثم حدثت تبدلات متنوعة (1)، ولكن هذا الرأي لم يكن صحيحا، إذ بدأ عثمان انحرافه منذ الأيام الأولى لتبلور حكومته، بإرجاعه الحكم بن العاص ومروان، وتسليطهما على الأمة، وزاد في ذلك أيضا بتأمير أقاربه على الأمصار، وإسرافه الفاضح من بيت المال. فأثار عمله هذا صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) منذ البداية، بيد أن المعارضة العامة والنهوض والتحرك الجماعي ضده حدثت في السنين الست الأخيرة من حكومته (2).
في سنة (33 ه) أقدم عثمان على نفي ثلة من كبار أهل الكوفة وصالحيهم، وكان فيهم بعض الصحابة أيضا (3). وبعد مدة ثار الكوفيون في سنة (34 ه) مطالبين بعزل سعيد بن العاص والي الكوفة، فلم يصغ عثمان إلى طلبهم، فحالوا دون دخوله مدينتهم مقاومين. فاضطر عثمان بعدئذ إلى عزله راضخا لمطالبهم - وكان سعيد من أقربائه - وعين مكانه أبا موسى الأشعري الذي كان يرتضيه أهل الكوفة. وفي تلك السنة تراسل الصحابة وخططوا للثورة على عثمان طاعنين بتصرفاته الشاذة. ومما جاء في مراسلاتهم قولهم:
" إن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد ".
وبلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) عثمان احتجاجات الصحابة، ووعظه بأسلوب لين لعله يثوب إلى رشده، ويغير منهجه في الحكم، ويستقيم على الطريقة، لكنه لم يستجب وخطب خطبة شديدة اللهجة عنف فيها المعترضين ولجأ فيها إلى التهديد.