شتان ما يومي على كورها (١) * ويوم حيان أخي جابر فياعجبا!! بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته - لشد ما تشطرا ضرعيها! - فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم، فمني الناس - لعمر الله - بخبط وشماس، وتلون واعتراض؛ فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة؛ حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم، فيا لله وللشورى! متى اعترض الريب في مع الأول منهم، حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر! لكني أسففت إذ أسفوا، وطرت إذ طاروا؛ فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هن وهن، إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه، بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث عليه فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته!
فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلي، ينثالون علي من كل جانب، حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة الغنم، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون: كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول: ﴿تلك الدار الأخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعقبة للمتقين﴾ (2) بلى! والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها!
أما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم، ولا سغب