استنادا إلى الكم الهائل من الروايات المنقولة من طريق الفريقين، وجرى التأكيد على أن ذروة ذلك الإبلاغ وقعت في " حجة الوداع " أو بتعبير آخر في " حجة البلاغ " وفي غدير خم.
وهكذا فإن تأكيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على كتابة الولاية من بعده في آخر ساعات عمره المبارك، كان بلا شك يمثل آخر جهوده ومساعيه لوضع حل يضمن سلامة المجتمع، ويقي الأمة من الانحراف من بعده. ومن هذا المنطلق أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) - وهو في فراش المرض، وبدنه الشريف يلتهب من شدة الحمى - بتجهيز جيش بقيادة الشاب أسامة بن زيد، وأكد على الخروج فيه، ولعن المتخلفين عنه. وكان كلما فتح عينيه سأل عن مجريات أمور ذلك الجيش.
لكن العجب كل العجب أن البعض امتنع عن الالتحاق بذلك الجيش اجتهادا منهم أمام النص الصريح من رسول الله (صلى الله عليه وآله). وفضلا عن ذلك اتهموا الرسول الذي لم يكن يقول إلا الحق، ولا يتكلم إلا بالوحي (1)، بأنه يهجر؛ أي يهذي!! وهكذا بقيت كتابة الوصية بلا أثر، ولم تفلح آخر جهود الرسول (صلى الله عليه وآله) لإعداد الأرضية الكفيلة بتوطيد " حاكمية الحق ".
ليس هناك أدنى شك في أن المراد من هذه الوصية هو التصريح بالقيادة، والتأكيد عليها، وجلب الأنظار إلى ما جاء من إبلاغ الحق على مدى عشرين سنة، ونودي به في كل حدب وصوب (2).
ولكن يبقى ثمة سؤال؛ وهو لماذا لم يصر الرسول (صلى الله عليه وآله) على كتابة الوصية رغم