جورج جرداق وهذا مقتطف من كلمات المؤلف جورج جرداق " الرياح السافيات ".
ألا إنه علي بن أبي طالب الذي تتمزق بسيفه الظلمات، وتنقص على عدوه الرعود القاصفات، وتذروهم الرياح السافيات، فإذا به هول يدفع هولا وفي عينيه دموع تحولت شرارا، وفي حناياه عطف توقد نارا!
ألا إنه مخبأ الفقير من الريح، وسترة الضعيف من السيل، وموئل العاجز من الزوبعة المهلكة، وصاحب الظل في الظهيرة المحرقة، كالليل!
ألا إنه علي بن أبي طالب الذي سيقول فيه الدهر وفي سيفه مع القائلين:
لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي!
وبعد زمن كان معاوية في ما يزيد عن ماية وعشرين ألف مقاتل من أهل الشام يقطع الأرض إلى العراق. ونزلوا عند نهر الفرات في وادي صفين على مقربة من الرقة سبقا إلى سهولة الأرض وسعة المناخ. وصفين واد تفصله عن شاطئ الفرات أرض مستنقعة يكثر فيها الشجر والعيون.
وقدم علي بجيشه من الكوفة مجتازا بالمدائن والرقة وقصده تأديب معاوية إلى آخره حديثه في عرض واقعة صفين وحروبها.
إن الشعب الذي أمكنه أن يعبر عن عبقريته منذ أربعة عشر قرنا برجل كعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم بمجموعة من الناس كبعض تلاميذه وأنصاره يوم ذاك، هو شعب يستطيع اليوم في عصر غزو الفضاء أن يمشي مع القافلة التي تسير وهي تنظر غدا إلى الأمام.