أخذ ما ليس له، وكان له في نشر النصوص عليه طرق تجلت الحكمة فيها بأجلى المظاهر ألا تراه ما فعل يوم الرحبة إذ جمع الناس فيها أيام خلافته لذكرى يوم الغدير، فقال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يقول يوم غدير خم ما قال، إلا قام فشهد بما سمع، ولا يقوم إلا من رآه؟ فقام ثلاثون من الصحابة فيهم اثنا عشر بدريا، فشهدوا بما سمعوه من نص الغدير، وهذا غاية ما يتسنى له في تلك الظروف الحرجة بسبب قتل عثمان، وقيام الفتنة في البصرة والشام، ولعمري إنه قصارى ما يتفق من الاحتجاج يومئذ مع الحكمة في تلك الأوقات، ويا له مقاما محمودا بعث نص الغدير من مرقده، فأنعشه بعد أن كاد، ومثل لكل من كان في الرحبة من تلك الجماهير موقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم خم، وقد أخذ بيد علي فأشرف به على مئة ألف أو يزيدون من أمته، فبلغهم أنه وليهم من بعده وبهذا كان نص الغدير من أظهر مصاديق السنن المتواترة، فانظر إلى حكمة النبي إذ أشاد به على رؤوس تلك الأشهاد، وانتبه إلى حكمة الوصي يوم الرحبة إذ ناشدهم بذلك النشاد، فأثبت الحق بكل تؤدة اقتضتها الحال، وكل سكينة كان الإمام يؤثرها، وهكذا كانت سيرته في بث العهد إليه، ونشر النص عليه، فإنه إنما كان ينبه الغافلين بأساليب لا توجب ضجة ولا تقتضي نفرة.
شبلي الشميل الإمام علي بن أبي طالب عظيم العظماء نسخة مفردة لم ير له الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل قديما وحديثا.