عبد الفتاح عبد المقصود ليست القرابة، في ذاتها، فضيلة. ولا رابطة الدم، فضيلة. ولا في الاسلام نسب يرفع وآخر يخفض إلا إذا اقترن بعمل مقبول أو بعمل مرذول، فيتقدم من يحق حقوق الله، ويتوقى نواهيه، وإن كان عبدا أسود أفطس، ويتخلف الثاني إلى آخر الصفوف وإن كان ذا حسب وسؤدد وجاه..
وإمرة المؤمنين أسمى وأرفع من أن يرتقي إليها امرؤ في سلم الصلات الأسرية التي تجيئه عفوا بغير تقوى تطهر، وجهل يشكر، وعمل يثاب، ويبتغي بها صاحبها وجه ربه ونفع الناس، وصالح أخراه قبل دنياه..
ومنزلة علي في الإسلام، وفي نفس رسوله الكريم، أمكن وأعظم من أن تقاس بمقياس القربى لأنها محصلة مزاياه، وخلاصة جهاده لإعلاء كلمة الله..
ونكاد نلم بعض إلمام بجانب من جوانب هذه الشخصية حين نستحضر في بالنا قوله:
" لا شرف أعلى من الإسلام، ولا عز أعز من التقوى، ولا معقل أحصن من الورع، ولا شفيع أنجح من التوبة، ولا كنز أغنى من القناعة، ولا مال أذهب للفاقة من الرضا بالقوت.. ".
فهو أعجل الناس قربة إلى الله بتقواه، وحرصهم على مرضاته، أعبدهم عبادة، وأكثرهم صلاة، وأشدهم على نفسه رياضة بالقيام والصيام، ولا نحسب أن عبادته إلا عبادة حر يشكر لربه آلاءه، ويحمد نعماءه، لا عبادة خائف من عقوبة، أو تاجر طامع في مثوبة على نحو ما صنف لنا العباد والعبادات.