والطائف واليمن.
وهو المنتصر في صفين، ويوم الجمل، والنهروان، والدافع عن الرسول يوم أحد، وقيدوم السرايا ولواء المغازي.
وأعجب من بطولته الجسدية بطولته النفسية، فلم ير أصبر منه على المكاره. إذ كانت حياته موصولة الآلام منذ فتح عينيه على النور في الكعبة حتى أغمضهما على الحق في مسجد الكوفة.
وبعد فلم تسائلني بأبي الحسن؟ أو لم تقم في خال العصور فئات من الناس تؤله الرجل؟ ولا ريب إنها الضلالة الكبرى، ولكنها ضلالة تدلك على الحق إذ تدلك على مبلغ افتتان الناس بهذه الشخصية العظمى.
ولم يستطع خصوم علي أن يأخذوا عليه مأخذا فاتهموه بالتشدد في إحقاق الحق، أي إنهم شكوا كثرة فضله فأرادوه دنيويا يماري ويداري، وأراد نفسه روحانيا رفيعا يستميت في سبيل العدل، لا تأخذه في سبيل الله هوادة. وإنما الغضبة للحق ثورة النفوس القدسية، التي يؤلمها أن ترى عوجا.
فيا أبا الحسن! ماذا أقول فيك؟ وقد قال الكتاب في المتنبي: (إنه مالئ الدنيا وشاغل الناس) وإن هو إلا شاعر له حفنة من الدر إزاء تلال من الحجارة. وما شخصيته حيال عظمتك إلا مدرة على النيل خجلى من عظمة الأهرام.
حقا إن البيان ليسف، وإن شعري لحصاة في ساحلك يا أمير الكلام، ولكنها حصاة مخضوبة بدم الحسين الغالي، فتقبل هذه الملحمة وانظر من رفارف الخلد إلى عاجز شرف قلمه بذكرك.