المشبوبة العاطفة، الزاهية اللون، العذبة الرنة. ومنها اتزان في التقدير والتفسير.
ومنها محاولة جريئة في نقل علي وآرائه السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية إلى مسرح الحياة التي نحياها اليوم. وهي محاولة بارعة وموفقة، ما فطن لها الذين كتبوا في الموضوع من قبل. ناهيك باجتهادات جديدة في تفسير بعض الأحداث التي رافقت حياة الإمام تفسيرا يغاير النمط الذي درج عليه مؤرخوه حتى اليوم.
إنه ليستحيل على أي مؤرخ أو كاتب، مهما بلغ من الفطنة والعبقرية، أن يأتيك حتى في ألف صفحة بصورة كاملة لعظيم من عيار الإمام علي، ولحقبة حافلة بالأحداث الجسام كالحقبة التي عاشها. فالذي فكره وتأمله، وقاله وعمله ذلك العملاق العربي بينه وبين نفسه وربه لمما لم تسمعه أذن ولم تبصره عين. وهو أكثر بكثير مما عمله بيده أو أذاعه بلسانه وقلمه. وإذ ذاك فكل صورة نرسمها له هي صورة ناقصة لا محالة. وقصارى ما نرجوه منها أن تنبض بالحياة.
إلا أن العبرة في كتاب من هذا النوع هي في تفحص ما اتصل بنا من أعمال علي وأقواله. ثم في تفهمه تفهما دقيقا، عميقا. ثم في عرضه عرضا تبرز منه صورة الرجل كما تخيله المؤلف وكما يشاؤك أن تتخيله.
ويقيني إن مؤلف هذا السفر النفيس، بما في قلمه من لباقة، وما في قلبه من حرارة، وما في وجدانه من إنصاف، قد نجح إلى حد بعيد في رسم صورة لابن أبي طالب لا تستطيع أمامها إلا أن تشهد بأنها الصورة الحية لأعظم رجل عربي بعد النبي.
بسكنتا - لبنان (ميخائيل نعيمه)