لصفاء في سريرتك.. ولا لغيد في عنقك، بل لجبروت في شيمك.
وأنت أنت البطل، صلب السيف والترس في كفيك، ليس لفتلة في زنديك أو لعرض في منكبيك، بل لفيض رجح على أصغريك، ثم فاض على نهجيك.
وأنت أنت الناهج الأول، نسجت للدنيا قميصا على غير النول الذي حيك عليه قميص عثمان. وصغت للدين حساما كان من غير معدن سيف عشيق قطام.
وأنت أنت الذي ابتدأت الركيزة وشهقت بها، تطل على الدنيا فوق حدودها وفوق مداها، تحمل في يدك مصحف الرسالة، تلوح به على غير النمط الذي لوح به في صفين مشعلا يتجاوز وهجه سنام الجمل ومجرى الفرات، ليعبر من مكة والمدينة، ليس إلى نفوذ الجزيرة وربعها الخالي وحسب، بل ليتجاوزها مع الشمس إلى حيث يبزغ الشروق، وإلى حيث يرتطم الغروب.
لو أدرك الذين فقدوك، وحتى الذين وجدوك، أنك العملاق ولو بقامة قصيرة وأن وجهك ولو من التراب هو من لون الشمس، لما وصفوك، ولما صدقوا حتى اليوم أنهم فقدوك.
وقوله:
إلى أين يستطيع أن يطوف بك الفكر وقد تخليت عن كل القيود التي كانت تشد بك عن تلك المطاوف التي كانت تهتز تحت مقارع قبضتيك؟
وكيف أصبحت تنظر إليك الدنيا بعد أن نبذت إليها كل ما كان لك منها كما ينبذ الليل أمام الفجر آخر ذيل من ذيول عتماته؟
وكيف بدأت تنظر إليك ساحات الجهاد بعد أن تركت لها السيف الصقيل والرمح الأسيل؟
لعمري، إن التاسع عشر من رمضان لم يكن اليوم الأوحد الذي فيه رزمت