قيس بن سعد بن عبادة قال قيس بن سعد بن عبادة لمعاوية بن أبي سفيان: أن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) رحمة للعالمين، فبعثه إلى الناس كافة، إلى الجن والإنس، والأحمر والأسود والأبيض، اختاره لنبوته، واختصه برسالته، فكان أول من صدقه وآمن به ابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأبو طالب يذب عنه ويمنعه، ويحول بين كفار قريش وبين أن يردعوه أو يؤذوه، وأمره أن يبلغ رسالة ربه، فلم يزل ممنوعا من الضيم والأذى حتى مات عمه أبو طالب، وأمر ابنه بمؤازرته، فآزره ونصره، وجعل نفسه دونه في كل شديدة وكل ضيق وكل خوف، واختص الله بذلك عليا من بين قريش، وأكرمه من بين جميع العرب والعجم. ونعم ما قال الشاعر:
ولولا أبو طالب وابنه * لما مثل الدين شخصا وقاما فذاك بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب جس الحماما فلله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما فجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جميع بني عبد المطلب، منهم أبو طالب، وأبو لهب، وهم يومئذ أربعون رجلا، فدعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخادمه علي، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجر عمه أبي طالب فقال: أيكم ينتدب أن يكون أخي ووزيري ووصيي وخليفتي في أمتي، وولي كل مؤمن بعدي؟ فسكت القوم، حتى أعادها ثلاثا، فقال علي: أنا يا رسول الله (صلى الله عليك)، فوضع رأسه في حجره وتفل في فيه، وقال: اللهم املأ جوفه علما وفهما وحكما، ثم قال لأبي طالب: يا أبا طالب أسمع الآن لابنك وأطع، فقد جعله الله من نبيه بمنزلة هارون من موسى،