يقول في هذا التصنيف:
" إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار.. ".
ولا نحسب أيضا أن صورة كلامية أجمل من هذه التي رسم بها حلاوة التقوى رسما يفتن بها النفوس فرحا، ويستطير القلوب شوقا إلى تذوق طعمها الشهي الذي لا تدانيه كل أطايب المحسوسات والمعنويات.
سئل علي بن الحسين، وهو غاية الغايات في العبادة، وزين من عبدوا الله وعاشوا على تقواه:
" أين عبادتك من عبادة جدك؟ ".
فقال: " كعبادة جدي من عبادة رسول الله ".
ولا غرو.. فالكمال الانساني لمحمد عليه الصلاة والسلام في كل سجية وخصلة لا يضاهيه إلى أبد الآبدين كمال..
وكم كان الإمام يتهجد ويتنفل فيكثر، ويلازم الأوراد، ويستغرق في التسبيح حمدا وقربة لله.. لأن النوافل - تسبيحا كانت أو دعاء أو صلاة - هي خير ما يملأ به المسلم وقت فراغ وراحة، وأكرم على الله من أن يدع صاحبها ملهاة في يد إبليس يرمي به في نزعة شر تلوث طهره، أو يجنح به إلى باطل يوبقه وينتقص حسناه لحساب سوءاه.
وكان يقول:
" ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر ويغلق عنه باب الزيادة، ولا ليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة، ولا ليفتح لعبد باب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة.. ".