خلافة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته من جهة، والتي أهلته لتسنم ذلك المنصب الرفيع من جهة أخرى. فإنه يجد تلك المواقف المشرفة كثيرة العدد " تتزاحم بالمناكب وتتدافع بالراح " بحيث يصبح أمر الموازنة بينها " لاختيار بعضها للاستشهاد به " من أصعب الأمور. وقبل أن نتطرق إلى ذكر أهمها، يجمل بنا أن نشير إلى الظروف الخاصة التي ربطت بين علي والإسلام من جهة، وبينه وبين النبي من جهة أخرى، وبقدر ما يتعلق الأمر بصلة الإسلام بعلي، أو صلة علي بالإسلام، يمكننا أن نقول مع العقاد: " لقد ملأ الدين الجديد قلبا لم ينازعه فيه منازع من عقيدة سابقة، ولم يخالطه شوب يكدر صفاءه ويرجع به إلى عقابيله، فبحق ما يقال: إن عليا كان المسلم الخالص على سجيته المثلى، وأن الدين الجديد لم يعرف قط أصدق إسلاما منه ولا أعمق نفاذا فيه ".
فقد بعث النبي على ما يقول الدكتور طه حسين: وعلي عنده صبي فأسلم.. وظل بعد إسلامه في حجر النبي يعيش بينه وبين خديجة أم المؤمنين وهو لم يعبد الأوثان قط.. فامتاز بين السابقين الأولين بأنه نشأ نشأة إسلامية خالصة.
وامتاز كذلك بأنه نشأ في منزل الوحي بأدق معاني هذه الكلمة ".
أما الآثار العميقة التي تركتها هذه البيئة الإسلامية الصافية في خلق الإمام، في عقله، وقلبه، ولسانه، ويده، فتعتبر من أوليات الأمور المسلم بها عند الباحثين الحديثين في علم النفس، وعلم الاجتماع.
إن عليا كان مهيئا للخلافة بعد الرسول، هذا إذا نظرنا للخلافة من جوانبها الزمنية، وأن صلاته بالرسول وبالإسلام، وصلات الإسلام والرسول به تؤهله لذلك.
ولو احتج المسلمون أثناء السقيفة بعد وفاة النبي: " أن عليا كان أقرب