وكان أعورا، فقال لحجر: " إن أمير المؤمنين أمرني بقتلك يا رأس الضلال ومعدن الكفر والطغيان، والمتولي لأبي تراب (وهو لقب أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم على علي، وكان أحب الأسماء إلى علي) وقتل أصحابك، إلا أن ترجعوا عن كفركم وتلعنوا صاحبكم (أي الإمام علي) (1) وتتبرأوا منه، فقال حجر وجماعة من أصحابه: إن الصبر على حد السيف لا يسر علينا مما تدعونا إليه، ثم القدوم على الله وعلى نبيه وعلى وصيه، أحب إلينا من دخول النار، وأجاب نصف أصحابه إلى البراءة من علي، وقتل حجر وألحق به من وافقه على قوله من أصحابه " وكان حجر أول من قتل صبرا في الاسلام، وقد هال قتل حجر بن عدي الكثير منا لناس، وعلى رأسهم السيدة عائشة رضي الله عنها وحين اجتمعت بمعاوية قالت له: يا معاوية 6 أقتلت حجرا وأصحابه فأين غرب حلمك عنهم، أما أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يقتل بمرج عذراء نفر يغضب لهم أهل السماوات "، وكان محمد بن سيرين المسلمين كانوا يرون في حجر: المسلم الصادق الامر بالمعروف والناهي عن المنكر، قضى شهيدا في سبيل الجهر ما خلع طاعة وما فارق جماعة، وإنما أنكر على الولاة لعنهم خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روي أن حجرا أوصى عند قتله " لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما، فإني ألاقي معاوية غدا على الجادة " وقيل إن معاوية لما حضرته الوفاة جعل يقول " يومي منك يا حجر طويل " (ثلاث مرات)، ولكن الناس على الإساءة يحيون، فإذا ما ماتوا انتبهوا، وقيل إن الناس كانوا يقولون: إن أول ذل دخل الكوفة موت الحسن بن علي، وقتل حجر بن عدي، ودعوة زياد، وروى عن الحسن البصري أنه قال، فيما يروى الطبري، " أربع خصال كن في معاوية، لو لم يكن فيه منهن واحدة، لكانت موبقة: إنتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة
(٨٧)