القطب قد يكون من غيرهم، ولكن قطب الأقطاب لا يكون إلا منهم، لأنهم أزكى الناس أصلا، وأوفرهم فضلا، غير أن القطب من شأنه غالبا الخفاء وعدم الظهور، فإذ لم يوجد في الظاهر من أهل البيت من يصلح للاتصاف بالقطبية، حمل على أنه قام بذلك رجل منهم في الباطن، وأما القائم بتجديد الدين فلا بد أن يكون ظاهرا حتى يسير علمه في الآفاق، وينتشر في الأقطار، وهنا يفترض " ابن أبي بكر الشلي " في كتابه " المشرع الروي " أن المناصب الثلاثة، وهي: الخلافة الظاهرة وهي القيام بأمر الإمامة، ثم الخلافة الباطنة وهي القطبية، ثم منصب تجديد الدين على رأس كل مائة سنة، لا يقوم بها إلا رجل من أهل البيت، ولكن ما المراد بأهل البيت هنا، يجيب ابن أبي بكر، بأنه إن أراد صلى الله عليه وسلم بقوله " رجل من أهل بيتي " أي من سائر قريش، كما هوا لمراد بالخلافة الظاهرة، اتسع الامر، وربما أراد صلى الله عليه وسلم بذلك ما هو أعم من أهل البيت بالنسب، فقد صح أن مولى القوم منهم، غير أن هناك من اشترط أن يكون القطب من ذرية الإمام الحسين على وجه الخصوص، وهنا ربما كان رأى أبي العباس المرسي من أن القطب قد يكون من غير آل البيت، على أن يكون قطب الأقطاب منهم، ربما كان مقبولا إلى حد ما، وإن رجح ابن أبي بكر الشلي الاكتفاء بمطلق أهل البيت في القطبية أو أن يكون من أهل البيت من جهة الام.
7 - أهل البيت: أهل البلاء والاصطفاء كرم الله أهل البيت وطهرهم من الرجس والأهواء والمطامع، ومن ثم فقد اصطفاهم لحماية دينه ونشر هدايته، وفي نفس الوقف فقد ارتضاهم محلا لبلائه وهدفا لقدره وقضائه ليضرب بهم للناس أروع المثل في التضحية، والناس معادن، " خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام إذا فقهوا " وأهل البيت، رضوان الله عليهم، بحكم صلتهم بأشرف خلق الله، هم أصدق الناس إيمانا، وأرسخهم يقينا، وأعرقهم أصلا، وأشرفهم حسبا ونسبا، ومن ثم فهم أولى الناس بمواقف الشرف والبلاء، والبطولة والفداء، وأجدرهم بالصدق عند اللقاء، والصبر في البأساء والضراء، ولهذا كانوا أقرب الناس إلى البلاء، تخليدا لذكراهم، وإعلاء