نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) قال معاوية: " يا ابن عباس إربع على نفسك، وكف لسانك وإن كنت لا بد فاعلا فليكن ذلك سرا لا يسمعه أحد علانية "، ثم رجع معاوية إلى بيته وبعث إلى ابن عباس بمائة ألف درهم، ونادى مناديه " أن برئت الذمة ممن روى حديثا في مناقب علي وأهل بيته ".
وزاد الطين بلة، أن ابتدع معاوية بدعة خسيسة دنيئة، حيث أقام هو وخلفاؤه من بعده من بني أمية منابر يتناوب عليها الخطباء في سب سيدنا الإمام علي ، كرم الله وجهه في الجنة، وآل البيت الطاهرين المطهرين، وفي افتراء الأباطيل للنيل من الامام والزراية عليه، وظلوا على ذلك طيلة عهد دولتهم، إلا أيام عمر بن عبد العزيز، فلما نالوا من ذلك منالا، ولا حولوا أحدا من حب الإمام علي وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، على تعاقب الزمان واختلاف العصور، يقول أبو جعفر الإسكافي في " نقض رسائل العثمانية للجاحظ "، فكان الأمويون لا يألون جهدا في طول ملكهم أن يخمدوا ذكر علي، عليه السلام، وولده، ويطفئوا نورهم، ويكتموا فضائلهم ومناقبهم وسوابقهم، ويحملون الناس على سبهم ولعنهم على المنابر، والعياذ بالله، فلم يزل السيف يقطر من دمائهم، مع قلة عددهم وكثرة عدوهم، فكانوا بين قتيل وأسير وشريد وهارب ومستخف، وخائف مرتقب، حتى أن الفقيه والمحدث والقاص والمتكلم، ليتقدم إليه، ويتوعد بغاية الابعاد وأشد العقوبة، ألا يذكر شيئا من خصائصهم، ولا يرخصوا لاحد أن يطيف بهم، وحتى بلغ من تقية المحدث إذا ذكر حديثا عن علي بن أبي طالب عليه السلام، كنى عن ذكره فقال: قال رجل من قريش، وفعل رجل من قريش، ولا يذكر عليا عليه السلام، ولا يتفوه باسمه.
ومن ذلك - مثلا - ما يرويه الحاكم في المستدرك عن مالك بن بن دينار قال:
سألت سعيد بن جبير فقلت: يا أبا عبد الله من كان حامل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال فنظر إلي وقال: كأنك رخي البال، فغضبت وشكوته لاخوانه من القراء، فقلت ألا تعجبون من سعيد: إني سألته من كان حامل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر