أو ليست هي (أم أبيها) كما كان يسميها سيد المرسلين، أو ليست هي التي اصطفاها الله لتكون التيار الذي يحمل نور النبي صلى الله عليه وسلم عبر أسلاك الزمن، ولتضاء البشرية بعد ذلك من هذا النور الفياض، وصدق الأستاذ العقاد، حيث يقول (في كل دين صورة للأنوثة الكاملة المقدسة، يتخشع بتقديسها المؤمنون، كأنما هي آية الله فيما خلق من ذكر وأنثى، فإذا تقدست في المسيحية صورة مريم العذراء، ففي الاسلام، لا جرم، تتقدس صورة فاطمة البتول).
كانت الزهراء، عليها السلام، أصغر بنات النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فما ان انتقلت السيدة خديجة، رضي الله عنها إلى جوار ربها الكريم، راضية مرضية، حتى أصبحت الطفلة الصغيرة، فاطمة الزهراء، مسؤولة عن رعاية أبيها والسهر عليه، ولكنه لم يكن أبا عاديا، وانما هو رسول الله الذي أرسله للناس كافة، ومن ثم فقد كان على الزهراء، وهي ما تزال صغيرة لا تكاد تتحمل مسؤولية بيت ورعاية أسرة، فضلا عن أن يكون هذا البيت وتلك الأسرة، بيت محمد صلى الله عليه وسلم، تأخذ نصيبها من من أعباء الدعوة، وأثقال الرسالة، وسوف يكون لها ولزوجها، ولا بنائها وبناتها من بعدها، النصيب الأوفر، فلقد اخذت حتى الان نصيبها من الحصار الرهيب في شعب أبي طالب، حيث حصر أهلها من بني هاشم، ولمدة سنوات ثلاث، الا ان يسلموا أباها فتقتله قريش، وسوف تأخذ نصيبها من احداث الهجرة، وتنال حظها من خطوب (أحد) والأحزاب، وسوف تشارك أباها كل ما يلاقيه من اذى قريش، وتقاسمه كل همومه، بقدر ما نالته من الحظوة عنده، والمكانة لديه.
4 - حياة الزهراء في المدينة المنورة هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم تبعته الزهراء وأم كلثوم، وهناك روايتان عن هجرتهما، تذهب الأولى إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث زيد بن حارثة وأبا رافع، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم إلى مكة، فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم ابنتيه، وسودة بنت زمعة زوجته، وأسامة بن زيد، وأمه أم أيمن، وتذهب الرواية الثانية