أبو الشهداء مضت سنوات ست على عثمان في الخلافة وهو راض مرضى يحدر إلى الثمانين أو منها، أعقبتها ست أخرى. منها أربعة تتناهى إلى سمعه فيها وشوشة الشكوى من كل صوب. ومنها اثنتان يتعالى فيهما تشويش المشوشين ممن لا يصبرون.
ومراجعة الذين يتحملون المسؤولية معه: غاضبه عبد الرحمن بن عوف الذي اختاره للمسلمين. وغضب هو على عبد الله بن مسعود وعلى أبي ذر - أصدق الناس لهجة - وعلى عمار بن ياسر، الذي واعده الرسول وأباه وأمه على الجنة. وهذان الأخيران، منذ انفجر فجر الإسلام، شيعة علي.
أما ابن مسعود فهو القائل يوم اختيار عثمان: بايعنا أفضلنا ولم نأل.
وأما عبد الرحمن فقد أوصى لعثمان بين أهل بدر. ولما مات أخذ نصيبه.
ونفى عثمان أبا ذر من المدينة إلى الربذة (1) أو نفى أبو ذر نفسه، احتجاجا على ما صار إليه أمر معاوية وعثمان.
في هذه الفترة الأخيرة اجتمع الناس فتذكروا الأحداث، وكلفوا عليا أن يكلم عثمان كما روى الطبري في أحداث سنة 34. وعلي وعثمان صهران للرسول: الأول في زهراء الرسول والثاني في ابنتي الرسول.
والرسول يقول وهو يزوجه (لو كن عشرا لزوجتهن عثمان). ونصح علي عثمان أغلى النصيحة، وأجابه عثمان بمبرراته في تعيين الولاة من أهله، ومما قال: " إن معاوية عينه عمر ". قال علي: " لكنه كان أخوف له من خادمه يرفأ ".
واستمر الناس في ضيقهم بالأمور، حتى إذا كان الموسم حج الولاة فجمعهم عثمان للمشورة فكانوا = معاوية بن أبي سفيان (الشام)