أن يلقى خطبه الخالدة التي تعتبر مصادر للبلاغة العربية والحكمة السياسية والفلسفية على مر الزمان. فتخص الامام بمقام بين خطباء التاريخ لا يرقى إليه أحد.
* * * عهد الصديق لعمر فكان عهده له فتحا من الفتوح على أبى بكر والأمة، منذ كان عمر كأبي بكر مطلوبين للأحداث، ولم يكن لدى المسلمين ساعة ليشتوروا، فأرواح الشهداء تساقط في الميادين، في الشرق والشمال، بالعراق والشمام، لتضئ العالم بأنوار الإسلام.
ولا يمكن أن يرد على الذهن أن أبا بكر، في عهده لعمر، فكر لحظة واحدة تفكير بعض قريش في أن تصرف الخلافة عن بنى هاشم، مخافة أن تبقى وراثة فيهم، فلا تنال قريش حظوظها من السلطة. فإنما كانت هذه الفئة.
في فكرها ظالمة لنفسها ولبني هاشم، بمثل ما قد طالما ظلمت الصديق والفارق معا.
فلقد عهد الفاروق لعلي بين الستة الذين عهد إليهم أن يختاروا للمسلمين من يبايعونه. وهو القائل عن علي (لو ولوه لحملهم على الجادة). وكان الجميع يعلمون أن الخلافة دائرة بينه وبين عثمان.. ولم يشأ عمر أن يحمل مسؤولية الاختيار - وهو طعين - وكانت المشورة ممكنة، لا خطرة، كما كانت عند وفاة أبى بكر.
ولما جاء دور علي - وهو طعين - لم يفكر في أن يعهد لواحد من بنى هاشم. بل قيل له (إن فقدناك - ولا نفقدك - هل نبايع الحسن؟) فأجاب (لا آمركم ولا أنهاكم. أنتم أبصر). وترك الأمر شورى للمسلمين وكذلك ليس من الدقة أن يستنتج من تقدير عمر لعلي، أو لأهل البيت، أو لأم كلثوم بنت علي - وهي تحت جناح عمر - أن عمر كان يتمنى شيئا خاصا لعلي في صدد الخلافة. فلقد كان عمر ينظر لمصلحة المسلمين أجمعين، يوم عهد إلى الستة أن يختاروا واحدا منهم يبايعه المسلمون.
كان عمر ينظر لمصلحة المسلمين يوم دون الديوان. فدعا الأخ الأكبر لعلي، عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم، وقال لهم:
" اكتبوا الناس على قدر منازلهم " فكتبوهم مبتدئين ببني هاشم ثم ببني تيم