غير عنف.. وإياك والسعاة وأهل النمائم.. ولا تستصغرن من حلو وفضل طعام في بطون خالية.. إياك يا عبد الله أن تخيف مؤمنا).
تلك دروس جده صلى الله عليه وسلم. وهو القائل (سبعة يظلهم الله يوم القيامة. إمام عادل..) فبدأ بالعدل.
بل يقول عليه الصلاة والسلام (عدل السلطان يوما يعدل عبادة سبعين سنة..).
والدنيا قد تدوم، والدولة قد تقوم، مع العدل والكفر. لكنها لا تبقى مع الظلم، وإن كان الظلم واقعا على غير مسلم. والله تعالى يقول في محكم كتابه " كونوا قوامين لله شهداء بالقسط. ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا. اعدلوا هو أقرب للتقوى " (1). يقول الإمام الصادق: " من نكد العيش السلطان الجائر والجار السوء والمرأة البذيئة ". فالسلطان الجائر أذى دائم، ومنكر مستمر، تضيق الدنيا به، وإن رحبت. كما يضيق المكان - على رحبه - بالجار السوء، وتضيق الحياة - وإن طالت أو اتسعت - مع المرأة الطويلة اللسان.
والإمام يبدأ بالسلطان الجائر لأن أذاه يفسد الدنيا وإن صلحت، والأسرة وإن هنؤت. وإذا عم العدل احتمل الناس همومهم حيث هم.
ومن فساد السلطان أن يتولى سدته المتكبرون. والمتعالون في دخيلتهم منحطون. يقول الصادق " ما من أحد يتيه إلا من ذلة وجدها في نفسه ".
ومن ذلك ينحى عن الرياسات من يجرون أزرهم خيلاء، فهؤلاء لا ينتفعون بتجربة من أنفسهم، وإلا لما تكبروا على الناس، أو من غيرهم، وإلا لما غرهم الغرور. يقول (لا يطمع القليل التجربة المعجب برأيه في الرياسة) ويقول (من طلب الرياسة هلك).