الشورى والعناية بالعامة:
في بداية العهد إلى الأشتر أمران: الأول خاص بالأشتر. والثاني خاص بالعامة والخاصة.
والأمران عصريان في كل عصر ومطلوبان في كل مكان. ومن كل الحكام:
أما الأول: ففيه قوله له (إن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك. ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم. وإنما يستدل على الصالحين بما يجرى بهم على ألسنة عباده.. فاملك هواك. وشح بنفسك عما لا يحل لك.. وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم. ولا تكونن عليهم سبعا ضاربا تغتنم أكلهم. فإنهم صنفان:
إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق. يفرط منهم الزلل وتعرض لهم العلل. ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ. فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله...) (1). وقوله (وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة فانظر إلى عظم ملك الله فوقك.. فإن الله يذل كل جبار ويهين كل مختال. أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك وممن لك فيه هوى. وليس شئ أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم...) ويقول عن الشورى (ولا تدخلن في مشورتك من يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر. ولا جبانا يضعفك عن الأمور ولا حريصا يزين لك الشر، بالجور، فإن البخل والجبن غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله.. والصق بأهل الورع والصدق.. ثم رضهم على أن لا يطروك... ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة..).
وأما الثاني: ففيه قوله: (وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق. وأعمها في العدل. وأجمعها لرضى الرعية. فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة. وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة. وليس أحد