ولكن أردت الدعاء لي. قال " ولا أدع الدعاء لك. ولكن لا تخبر الناس بكل ما أنت فيه فتهون عليهم. " هكذا تتابع منه العطاء غير المطلوب، والدعاء المطلوب، والنصح الواجب. فهو معلم في المقام الأول. أعطى فأغنى. ثم نصح، ليقبل النصح منه.
والأعمال أعلى صوتا من الأقوال.
وهو يزيد العلاقة بين أصحابه وثاقة.
قال يوما لبعض أصحابه: ما بال أخيك يشكوك؟ قال: يشكوني إذ استقصيت عليه حقي. فقال مغضبا " كأنك إذا استقصيت حقك لم تسئ؟
أرأيت ما حكى الله عن قوم يخافون سوء الحساب؟ أخافوا أن يجور عليهم؟
ولكن خافوا الاستقصاء. سماه الله سوء الحساب؟ فمن استقصى فقد أساء ".
أرأيت - إلى مدى ما يستنبط الإمام من النص؟ وإلى مقدار ما يدخل في أنفس أمته من الإحساس الرقيق بمتاعب بعضهم. كالجسم تتداعى أعضاؤه بإدراك مرهف وتكافل كامل؟ ذلك أدب جده صلى الله عليه وعلى آله.
والإمام يعلمهم أن تكون لهم اليد العليا بالابتداء بالعطاء.
في السؤال رهق. والصلة تفقد رونقها، وربما قيمتها، إن لم تكن فيها مبادرة:
دخل عليه رجل من خراسان قال: لقد قل ذات يدي ولا أقدر على التوجه إلى أهلي إلا أن تعينوني.. فنظر الإمام للجالسين وقال. أما تسمعون ما يقول أخوكم؟.. إنما المعروف ابتداء. فأما ما أعطيت بعد ما سأل فإنما هو مكافأة لما بذل من ماء وجهه.. وقد قال رسول الله عليه وسلم (والذي فلق الحب وبرأ النسمة وبعثني بالحق نبيا لما يتجشم أحدكم من مسألته إياك أعظم. مما ناله من معروفك..) فجمعوا له خمسمائة درهم. وبهذا اشترك الجميع في أداء الواجب.
وهو القائل " أغنى الغنى ألا تكون للحرص أسيرا ".
والتنبيه على الإرهاق في الاستقصاء، وعلى انعدام فضل المسؤول على