كيف أقيس رأسي؟ قال: ما أراك تحسن شيئا! هل علمت ما الملوحة في العينين، والمرارة في الأذنين، والحرارة في المنخرين، والعذوبة في الشفتين؟ قال: لا. قال: ما أراك تحسن شيئا! فهل علمت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان؟ فقال ابن أبي ليلى: يا ابن رسول الله أخبرنا بهذه الأشياء التي سألته عنها، فقال: أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله تعالى بمنه وفضله جعل لابن آدم الملوحة في العينين لأنهما شحمتان ولولا ذلك لذابتا، وأن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته لابن آدم جعل المرارة في الأذنين حجابا من الدواب، فإن دخلت الرأس دابة والتمست الدخول إلى الدماغ، وذاقت المرارة التمست الخروج، وأن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته لابن آدم جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح ولولا ذلك لأنتن الدماغ، وأن الله تعالى بمنه وكرمه ورحمته لابن آدم جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما استطعام كل شئ ويسمع الناس بهما حلاوة منطقه. قال: فأخبرني عن الكلمة التي أولها كفر وآخرها إيمان، فقال: إذا قال العبد لا إله فقد كفر، فإذا قال إلا الله فهو إيمان! ثم أقبل على أبي حنيفة فقال: يا نعمان حدثني أبي عن جدي أن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس. قال الله تعالى له: اسجد لآدم، فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين! فمن قاس برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس لأنه تبعه بالقياس.
وروى أبو نعيم في الحلية قال: حدثنا محمد بن علي بن حبيش، حدثنا أحمد بن زنجويه، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن عبد الله