وأجلسه إلى جانبه وقال له: ارفع حوائجك، فأخرج رقاعا لأقوام وسأل في آخرين، فقضيت حوائجه، فقال المنصور: إرفع حوائجك في نفسك فقال له جعفر: لا تدعني حتى أجيئك. فقال له المنصور: ما إلى ذلك سبيل. وأنت تزعم للناس، يا أبا عبد الله، إنك تعلم الغيب. فقال جعفر: من أخبرك بهذا؟ فأومأ المنصور إلى شيخ قاعد بين يديه، فقال جعفر للشيخ: أنت سمعتني أقول هذا؟ قال الشيخ: نعم، قال جعفر للمنصور: أيحلف يا أمير المؤمنين؟ فقال له المنصور: احلف. فلما بدأ في اليمين قال جعفر للمنصور: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين أن العبد إذا حلف اليمين التي ينزه الله عز وجل فيها، وهو كاذب، امتنع الله عز وجل عن عقوبته عليها في عاجلته بسبب تنزيه الله عز وجل فيها، ولكني أنا أستحلفه فقال المنصور: ذلك لك! فقال جعفر للشيخ:
قل أبرأ إلى الله من حوله وقوته وألجأ إلى حولي وقوتي إن لم أكن سمعتك تقول هذا القول! فتلكأ الشيخ، فرفع المنصور عمودا كان في يده وقال:
والله لئن لم تحلف لأعلونك بهذا العمود! فحلف الشيخ، فما أتم اليمين حتى دلع لسانه كما يدلع الكلب ومات لوقته. ونهض جعفر (ع). قال الربيع: فقال لي المنصور ويلك! اكتمها الناس لا يفتتنون، قال الربيع: فسألت جعفر، فقلت له يا ابن رسول الله، إن المنصور كان قد هم بأمر عظيم، فلما وقعت عينك عليه وعينه عليك زال ذلك، فقال:
يا ربيع إني رأيت البارحة رسول الله (ص) في النوم فقال لي: يا جعفر خفته؟ فقلت: نعم يا رسول الله، فقال لي: إذا وقعت عينك عليه فقل: