يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة، فقال: نعم أعرفه، ثم قال المنصور:
سله ما بدا لك يا أبا حنيفة، فجعلت أسأله ويجيب بالإجابة الحسنة ويفحم حتى أجاب عن أربعين مسألة، فرأيته أعلم الناس باختلاف الفقهاء، فلذلك أحكم أنه أفقه من رأيت.
وفي مرآة الجنان لليافعي: ذكر بعض المؤرخين أنه سأل أبا حنيفة فقال: ما تقول في محرم كسر رباعية ظبي؟ فقال: يا ابن رسول الله ما أعلم ما فيه، فقال له: أنت من الدهاة ولا تعلم أن الظبي لا يكون له رباعية وهو ثني أبدا؟ قال: يعني من الدهاة في قوة الفهم وجودة النظر ا ه.
وفي كنز الفوائد للكراجكي: ذكروا أن أبا حنيفة أكل طعاما مع الإمام الصادق جعفر بن محمد، فلما رفع الصادق يده من أكله قال:
الحمد لله رب العالمين، اللهم هذا منك ومن رسولك. فقال أبو حنيفة:
يا أبا عبد الله أجعلت مع الله شريكا؟ فقال له إن الله يقول في كتابه " وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله " ويقول في موضع آخر: " ولو أنهم رضوا ما أتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله " فقال أبو حنيفة: والله لكأني ما قرأتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما إلا في هذا الوقت.
وقال الآبي في نثر الدرر: قال له أبو حنيفة: يا أبا عبد الله ما أصبرك على الصلاة! فقال: ويحك يا نعمان أما علمت أن الصلاة قربان كل تقي، وأن الحج جهاد كل ضعيف، ولكل شئ زكاة، وزكاة البدن الصيام، وأفضل الأعمال انتظار الفرج من الله، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، فاحفظ هذه الكلمات يا نعمان.