قد استبيحوا وأصيبت أموالهم. قال: وفشا ذلك بمكة فأوجع المسلمين، وأظهر المشركون فرحا وسرورا، فبلغ العباس بن عبد المطلب فعقر في مجلسه وجعل لا يستطيع أن يقوم. قال معمر: فأخبرني الجزري عن مقسم قال: فأخذ العباس ابنا له يقال له قثم وكان يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستلقى فوضعه على صدره وهو يقول: حبي قثم، شبيه ذي الانف الأشم، برغم من زعم. قال معمر قال ثابت عن أنس: ثم أرسل غلاما له إلى الحجاج بن علاط: ويلك ما جئت به وماذا تقول؟ فما وعد الله خير مما جئت به. قال الحجاج لغلامه: اقرأ أبا الفضل السلام وقل له: فليخل لي بعض بيوته لاتيه فإن الخبر على ما يسره. فجاء غلامه، فلما بلغ الباب قال: أبشر يا أبا الفضل فإن الخبر على ما يسرك. فوثب العباس فرحا حتى قبل بين عينيه، ثم جاء العباس فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر. وغنم أموالهم، وجرت سهام الله في أموالهم، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حي فأخذها لنفسه، وخيرها بين أن يعتقها فتكون زوجته أو تلحق بأهلها فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته. ولكني جئت لمال لي ها هنا أردت أن أجمعه وأذهب فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لي أن أقول ما شئت، فأخف عني ثلاثا ثم أذكر ما بدالك. قال فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي ومتاع جمعته فدفعته إليه، ثم استمر، فلما كان بعد ثلاث أتى العباس امرأة الحجاج فقال: ما فعل زوجك؟ فأخبرته أنه قد ذهب، وقالت: لا يحزنك الله أبا الفضل، لقد شق علينا الذي بلغك. قال: أجل لا يحزنني الله، ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا، وقد أخبرني الحجاج أن الله قد فتح خيبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجرت سهام الله فيها، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه، فإن كانت لك حاجة في زوجك فالحقي به. قالت: أظنك والله صادقا. قال: فإني صادق، والامر على ما أخبرتك. قال: ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش وهم يقولون: لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل.
قال لم يصبني إلا خير بحمد الله، قد أخبرني الحجاج أن خيبر فتحها الله على رسوله، وجرت فيها سهام الله، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه، وقد سألني أن أخفي عنه ثلاثا، وإنما جاء ليأخذ مالا كان له ثم يذهب، قال فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين، وخرج المسلمون من كان دخل بيته مكتئبا حتى أتوا العباس فأخبرهم الخبر، فسر المسلمون ورد الله ما كان من كآبة أو غيظ أن خزي على المشركين " (1)].
الخامس: في ألم النبي - صلى الله عليه وسلم - لألم العباس لما شدوا وثاقه في الأسر.
روى ابن عمر وابن الجوزي عن سويد بن الأصم قال: العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم لما أسر