خلافة عثمان، وقد تأخر زيد بن ثابت - رضي الله تعالى عنه -، وانتهت إليه الرئاسة في القراءة، وعاش بعدهم زمنا طويلا، فالظاهر أنه أمر بالأخذ عنهم في الوقت الذي صدر فيه ذلك القول، ولا يلزم من ذلك أن لا يكون أحد من ذلك الوقت شاركهم في حفظ القرآن الكريم، بل كان الذين يحفظون (مثل الذين حفظوه) وأزيد جماعة من الصحابة.
وفي الصحيح في غزوة بئر معونة " أن الذين قتلوا بها من الصحابة كان يقال لهم القراء، وكانوا سبعين رجلا ".
الرابع: في حديث ثابت عن أنس مخالفة لحديث قتادة من وجهين.
أحدهما: التصريح بصيغة الحصر في الأربعة.
والاخر: ذكر أبي الدرداء بدل أبي بن كعب وقد استنكر جماعة من الأئمة الحصر في الأربعة قال الامام المازري: لا يلزم من قول أنس لم يجمعه غيرهم أن يكون الواقع في نفس الامر كذلك، لان التقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه، وإذا كان المرجع إلى ما في علمه لم يلزم أن يكون الواقع كذلك، وقال القرطبي: إنما خص أنس الأربعة بالذكر لشدة تعلقه بهم دون غيرهم، أو لكونهم كانوا في ذهنه دون غيرهم.
وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: الجواب عن حديث أنس من أوجه.
أحدها: أنه لا مفهوم له.
الثاني: المراد لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بها إلا أولئك.
الثالث: لم يجمع ما نسخ منه بعد تلاوته وما لم ينسخ إلا أولئك.
الرابع: المراد بجمعه تلقيه من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا بواسطة.
الخامس: أنهم تصدوا لالقائه وتعليمه فاشتهروا به.
السادس: المراد بالجمع الكتابة.
السابع: المراد بالجمع أنه لم يفصح بأن أحدا جمعه بمعنى إكمال حفظه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أولئك.
الثامن: المراد بجمعه السمع والطاعة له والعمل بموجبه، وقد أخرج أحمد في الزهد من طريق أبي الزاهرية أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال: إن ابني جمع القرآن فقال: اللهم غفرا! إنما جمع القرآن من سمع وأطاع.