ابن القيم: (أخبر تعالى عن رؤيته لجبريل مرة أخرى. فالمرة الأولى كانت دون السماء بالأفق الاعلى والثانية كانت فوق السماء عند سدرة المنتهى).
ابن كثير: (هذه هي المرة الثانية التي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها جبريل على صورته التي خلقه الله عليها، وكانت ليلة الاسراء... وتقدم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يثبت الرؤية ليلة الاسراء ويستشهد بهذه الآية، وتابعة جماعة من السلف والخلف، وقد خالفه جماعات من الصحابة والتابعين). قلت وسيأتي تحقيق ذلك في بابه.
اللباب: (ا لواو في (ولقد) يحتمل أن تكون عاطفة، ويحتمل أن تكون للحال، أي كيف تجادلونه فيما رآه، وهو قد رآه على وجه لا شك فيه؟ والنزلة فعلة من النزول كجلسة من الجلوس، وفي نصبها ثلاثة أوجه: أحدها: أنها منصوبة على الظرف الذي هو مرة، لان الفعلة اسم للمرة من الفعل، فكانت في حكمها. قال الشهاب الحلبي: وهذا ليس مذهب البصريين، وإنما هو مذهب القراء، نقله عنه مكي. الثاني: أنها منصوبة نصب المصدر الواقع موقع الحال، أي رآه نازلا نزلة أخرى، وإليه ذهب الحوفي وابن عطية الثالث: أنها منصوبة على المصدر المؤكد، فقدره أبو البقاء مرة أخرى أو رؤية أخرى. قال الشهاب الحلبي: وفي تأويل نزلة برؤية، نظر، وأخرى تدل على سبق رؤية قبلها، وعند سدرة المنتهى ظرف مكان لرأى).
الثامن عشر: في الكلام على السدرة وإضافتها إلى المنتهى.
قال الإمام الرازي: (يحتمل وجوها: أحدها: إضافة الشئ إلى مكانه كقولك: أشجار بلدة كذا، فالمنتهى حينئذ موضع لا يتعداه ملك أو روح من الأرواح. قال كعب الأحبار: هي في أصل العرش على رؤوس حملة العرش، وإليها ينقضى علم الخلائق وما خلفها بحيث لا يعلمه إلا الله تعالى. ثانيها: إضافة المحل إلى الحال فيه، كقولك: كتاب الفقه، وعلى هذا فالتقدير: سدرة عندها منتهى العلوم. ثالثها: إضافة الملك إلى مالكه كقولك: دار زيد أو شجرة زيد، وحينئذ المنتهى إليه محذوف تقديره: سدرة المنتهى إليه. قال الله تعالى: (وأن إلى ربك المنتهى) [النجم: 43]. فالمنتهى إليه هو الله تعالى، وإضافة السدرة إليه حينئذ كإضافة البينة للتشريف والتعظيم، كما يقال في التسبيح: يا غاية رغباه ويا منتهى أملاه).
القرطبي: (اختلف لم سميت سدرة المنتهى على أقوال تسعة: الأول لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها فيقبض منها وإليها ينتهي ما يعرج من الأرض، رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود، الثاني: علم الأنبياء ينتهي إليها ويعزب عما وراءها، قال ابن عباس. الثالث: أن الأعمال تنتهي إليها وتقبض منها، قاله الضحاك. الرابع: لانتهاء الملائكة والأنبياء إليها