حديث أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الربا في النسيئة)، فسمع الجواب ولم يسمع المسألة وقد قال: (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد). واحتج المزني بما احتج به الشافعي من إجازة النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسل الميت بالسدر، ولو كان حراما لم يجز الانتفاع به. وقال: والورق من السدر كالغصن. قال: وقد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما حرم قطعه من شجر الحرم بين ورقه وغيره، فلما لم يمنع من ورق السدر، دل على جواز قطع السدر.
قال الشيخ رحمه الله تعالى في فتاويه: (والأولى عندي في تأويل الحديث أنه محمول على سدر الحرم، كما وقع في رواية الطبراني. قال ابن الأثير في النهاية: (قيل أراد به سدر مكة لأنها حرم وقيل سدر المدينة، نهى عن قطعه ليكون أنسا وظلا لمن يهاجر إليها، وقيل أراد السدر الذي يكون في الفلاة يستظل به أبناء السبيل والحيوان أو في ملك إنسان، فيتحامل عليه ظالم فيقطعه بغير حق، ومع هذا فالحديث مضطرب الرواية فإن أكثر ما يروى عن عروة بن الزبير، وكان هو يقطع السدر ويتخذ منه أبوابا. قال هشام: وهذه أبواب من سدر قطعه أبي، وأهل العلم مجمعون على إباحة قطعه).
وروى أبو داود عن حسان بن إبراهيم قال: (سألت هشام بن عروة عن قطع السدر، وهو مسند ظهره إلى قصر عروة، قال: ترى هذه الأبواب والمصاريع إنما هي من سدر قطعه أبي من أرضه).
التاسع عشر: في الكلام على قوله تعالى: (عندها جنة المأوى) [النجم: 15] قال القرطبي: هذا تعريف بموضع جنة ا لمأوى وأنها عند سدرة المنتهى، وهي عن يمين العرش، وقيل أوى إليها آدم عليه الصلاة والسلام إلى أن أخرج منها. وقيل: إن أرواح المؤمنين كلهم في جنة المأوى، وهي تحت العرش فيتنعمون [بنعيمها ويتنسمون بطيب ريحها]. وقيل: لان جبريل وميكائيل عليهما السلام يأويان إليها.
اللباب: (جملة ابتدائية في موضع الحال، والأحسن أن يكون الحال الظرف، وجنة المأوى فاعل به. والعامة أن جنة اسم مرفوع وقرأ أمير المؤمنين علي، وأبو الدرداء (1)، وأبو هريرة، وابن الزبير وأنس من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وزر بن حبيش، ومحمد بن كعب من التابعين: جنة فعلا ماضيا، والهاء ضمير المفعول يعود للنبي صلى الله عليه وسلم، والمأوى فاعل