الباب الرابع في ذكر يوم بعاث قالت عائشة رضي الله عنها: (كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترق ملؤهم وقتلت سرواتهم وجرحوا، فقدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخولهم في الاسلام). رواه البخاري (1).
بيان غريبه (بعاث): بضم الموحدة، وحكى القزاز في الجامع فتحها وبتخفيف العين المهملة وآخره المثلثة - قال الجمهور - وقال ابن دريد: وذكر عن الخليل إعجامها ولم يسمع من غيره وإنما هو بالعين المهملة. وذكر الأزهري أن الذي صحفه الليث عن الخليل. وذكر القاضي أن الأصيلي (2) أحد رواة الصحيح رواه بالوجهين أي بالغين المعجمة والعين المهملة، وأن وجها واحدا هو الذي وقع في رواية أبي ذر بالغين المعجمة. ويقال إن أبا عبيدة ذكره بالمعجمة أيضا. وبعاث: مكان ويقال حصن، وقيل مزرعة عند بني قريظة على ميلين من المدينة كانت به وقعة بين الأوس والخزرج قتل فيه كثير منهم، وكان رئيس الأوس فيه.
حضير - بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية بعدها راء - والد أسيد بن حضير، وكان يقال له: حضير الكتائب، وبه قتل، وكان رئيس الخزرج يومئذ عمرو بن النعمان البياضي فقتل بها أيضا. وكان النصر فيها أولا للخزرج ثم هزم حضير فرجعوا وانتصرت الأوس وجرح حضير يومئذ فمات منهزما، وذلك قبل الهجرة بخمس سنين، وقيل بأربعين سنة وقيل بأكثر. قال الحافظ: (الأول أصح). وذكر أبو الفرج الأموي أن سبب ذلك كان من قاعدتهم أن الأصيل لا يقتل بالحليف، فقتل رجل من الأوس حليفا للخزرج، فأرادوا أن يقيدوه، فامتنعوا، فوقعت بينهما الحرب لأجل ذلك، فقتل فيها من أكابرهم من كان لا يؤمن أن يتكبر، ويأنف أن يدخل في الاسلام حتى لا يكون تحت حكم غيره، وقد كان بقي منهم من هذا النحو عبد الله بن أبي بن سلول كما سيأتي بيان ذلك.