الباب الثالث في قدر إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة ورؤياه الأرض التي يهاجر إليها روى البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة، والرواية عن ابن عباس في ذلك مختلفة، وسيأتي تحريرها في الوفاة النبوية إن شاء الله تعالى وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب)، رواه الشيخان (1) وعن صهيب رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرتين فإما أن تكون هجرا أو يثرب)، رواه الترمذي والحاكم والطبراني (2).
وروى الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن عدي بن الحمراء (3) رضي الله عنه، والإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة، قال الحافظ: وذكره وهم وإنما هو عبد الله بن عدي، والحاكم وابن جميع عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على الحزورة فقال: (والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت منك) (4).
تنبيهات الأول: قال ابن التين: أري النبي صلى الله عليه وسلم أولا دار هجرته بصفة تجمع المدينة وغيرها، ثم أري الصفة المختصة بالمدينة فتعينت.
الثاني: حديث أبي هريرة مرفوعا: (اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع إلي فأسكني في أحب البقاع إليك) (5)، رواه الحاكم، وقال الذهبي: إنه موضوع، وقال ابن عبد البر: لا