الباب السابع في إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير رضي الله تعالى عنهما روى ابن أبي الدنيا والخرائطي والبيهقي عن عبد المجيد بن أبي عيسى عن أبيه عن جده، وابن عساكر عن البخاري في تاريخه الأوسط عن شيخه أبي محمد الكوفي قالا:
سمعت قريش قائلا يقول في الليل على أبي قبيس:
فإن يسلم السعدان يصبح محمد * بمكة لا يخشى خلاف المخالف فلما أصبحوا قال أبو سفيان - وفي لفظ قريش - من السعدان؟) (أسعد بن بكر أم سعد بن هذيم؟) فلما كانت الليلة الثانية سمعوا قائلا يقول:
فيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا * ويا سعد سعد الخزرجيين الغطارف أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا * على الله في الفردوس زلفة عارف فإن ثواب الله للطالب الهدى * جنان من الفردوس ذات زخارف فقالت قريش: هذا سعد بن معاذ وسعد بن عبادة:
قال ابن إسحاق: وحدثني عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير، يريد به دار بني عبد الأسهل ودار بني ظفر، وكان سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل ابن خالة أسعد بن زرارة، فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر فجلسا فيه، واجتمع إليهما رجال ممن أسلم، وسعد بن معاذ، وأسيد بن حضير يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، وكلاهما مشرك على دين قومه، فلما سمعا به قال سعد بن معاذ لاسيد بن حضير: لا أبا لك، انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا، فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارنا، فإنه لولا أن أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كفيتك ذلك، فهو ابن خالتي ولا أجد عليه مقدما. قال: فأخذ أسيد بن حضير حربته، ثم أقبل إليهما. فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب بن عمير: هذا سيد قومه فاصدق الله فيه. قال مصعب: إن يجلس أكلمه.
قال: فوقف عليهما متشتما، قال: ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره؟ فقال: أنصفت. ثم ركز حربته وجلس إليهما، فكلمه مصعب بالاسلام وقرأ عليه القرآن. فقالا فيما يذكر عنهما: والله لعرفنا في وجهه الاسلام قبل أن يتكلم به في إشراقه وتسهله، ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي. فقام فاغتسل