آياته ". فإن ثبت احتمل أن يكون المراد أنه مثل قريبا كما قيل في حديث: " أريت الجنة والنار " ويؤيد قوله: " حتى جئ بمثاله ".
التنبيه العاشر والمائة: مجموع ما خالفت فيه رواية شريك غيره: من المشهور اثنا عشر شيئا: الأول: كون المعراج قبل البعثة وقدمنا جوابه. الثاني: كونه مناما وتقدم الكلام على ذلك. الثالث: أمكنة الأنبياء في السماوات وقد اتضح أنه لم يضبط منازلهم لكن وافقه الزهري في بعض ما ذكر. الرابع: مخالفته في محل سدرة المنتهى وأنها فوق السماء السابعة، مما لا يعلمه إلا الله تعالى، والمشهور أنها في السابعة أو السادسة كما تقدم. الخامس:
مخالفته في النهرين وهما النيل والفرات وأن عنصرهما في السماء الدنيا، والمهشور في غير روايته أنهما في السماء السابعة وأنهما تحت سدرة المنتهى وتقدم جوابه السادس: شق الصدر عند الاسراء وقد وافقته رواية غيره كما تقدم بسط ذلك في أبواب صفاته. السابع: ذكر نهر الكوثر في السماء الدنيا، والمشهور في الحديث أنه في الجنة، وتقدم الكلام على ذلك.
الثامن: نسبة الدنو والتدلي إلى الله تعالى، والمشهور أنه جبريل. قال الخطابي: (ليس في هذا الكتاب - يعني صحيح البخاري - أشنع ظاهرا ولا أمنع مذاقا من هذا - يعني قوله: (ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى) - فإنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الاخر وتمييز مكان كل واحد منهما، هذا مع ما في التدلي من التشبيه، والتمثيل له بالشئ ا لذي تعلق من فوق إلى أسفل. قال: فمن لم يبلغه من هذا الحديث إلا هذا القدر مقطوعا من غيره، ولم يعتبره بأول القصة ولا بآخرها اشتبه عليه وجهه ومعناه، وكان فصاراه إما رد الحديث من أصله وإما الوقوع في التشبيه، وهما خطان مرغوب عنهما.
(وأما من اعتبر أول الحديث بآخره فإنه يزول عنه الاشكال فإنه مصرح فيهما بأنه كان رؤيا لقوله في أوله: (وهو نائم) وفي آخره: (استيقظ). وفي بعض الرؤيا مثل يضرب ليتناول على الوجه الذي يجب أن يصرف إليه معنى التعبير في مثله، وبعض الرؤيا لا يحتاج إلى ذلك بل يأتي كالمشاهدة).
قال الحافظ: (وهو كما قال ولا التفات إلى من تعقب كلامه بقوله: إن في الحديث الصحيح أن رؤيا الأنبياء وحي فلا يحتاج إلى تعبير، لأنه كلام من لم يمعن النظر في هذا المحل، فإن بعض مرائي الأنبياء يقبل التعبير، فمن ذلك قول بعض الصحابة له صلى الله عليه وسلم في رؤيا القميص: (فما أولته يا رسول الله؟) قال: (الدين). وفي رؤيا اللبن قال: (العلم). لكن جزم الخطابي بأن ذلك كان مناما، وهذا متعقب بما قدمناه من ترجيح كونه في اليقظة بالأدلة التي أشرنا إليها.