بالأصابع وتحية البجا وضع يد الداخل على كتف الملك، فإن بلغ الخدمة رفعها ووضعها مرارا. وهذه التحيات غالبها مجموعة في الصلاة التي هي خدمة ملك الملوك سبحانه وتعالى، ولهذا ناسب أن يقال في آخرها: (التحيات لله) إشارة إلى أنه تعالى يستحق جميع التحيات).
التنبيه التاسع والثمانون: وقع في رواية أنس عن أبي ذر رضي الله عنهما: (فرض الله على أمتي خمسين صلاة) وفي رواية ثابت عن أنس: (فرض الله علي خمسين صلاة كل يوم وليلة). ونحوه في رواية مالك بن صعصعة، فيحتمل أن يقال في كل من رواية أبي ذر والرواية الأخرى اختصار. ويؤيد قوله في الرواية الأخرى: (إني فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة) إلى آخره. ويقال ذكر الفرض عليه يستلزم ذكر الفرض على الأمة وبالعكس، إلا ما استثني من خصائصه.
التنبيه التسعون: قال ابن أي جمرة: (الحكمة في كون إبراهيم عليه السلام لم يكلم المصطفى في طلب التخفيف أن مقام الخلة إنما هو الرضى والتسليم، والكلام في هذا ا لشأن ينافي ذلك المقام. وموسى هو الكليم، والكليم أعطي الا دلال والانبساط). وقال القرطقي:
(الحكمة في تخصيص موسى عليه الصلاة والسلام بمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الصلاة، لعلها لكون أمة موسى كلفت من الصلوات ما لم يكلف به غيرها من الأمم فثقلت عليهم فأشفق موسى على أمة محمد - عليهما الصلاة والسلام - من مثل ذلك ويشير إلى ذلك قول موسى:
(إني قد جربت الناس قبلك).
وقال غيره: لعلها من جهة أنس ليس في الأنبياء من له أتباع أكثر من موسى، ولا من له كتاب أك بر ولا أجمع للأحكام من كتابه، فكان من هذه الجهة مضاهيا للنبي صلى الله عليه وسلم، فناسب أن يتمنى أن يكون له مثل ما أنعم به عليه من غير أن يريد زواله عنه، وناسب أن يطلعه على ما وقع له وينصحه فيما يتعلق به. ويحتمل أن موسى عليه السلام لما غلب عليه في الابتداء الأسف على نقص حظ أمته بالنسبة لامة محمد صلى الله عليه وسلم حتى تمنى ما تمنى أن يكون منهم، استدرك ذلك ببذل النصيحة لهم والشفقة عليهم ليزيل ما عساه أن يتوهم عليه مما وقع منه في الابتداء، والعلم عند الله تعالى.
قال القرطبي: (وأما قول من قال إنه أول من لقيه بعد الهبوط فليس بصحيح، لان حديث مالك بن صعصعة أنه رآه في السادسة وإبراهيم في السابعة، وهو أقوى إسنادا من حديث شريك الذي فيه أنه رأى موسى في السابعة). قال الحافظ: (إذا جمعنا بينهما بأنه لقيه في الصعود في السادسة، وصعد موسى معه إلى السابعة فلقيه فيها بعد الهبوط ارتفع الاشكال وبطل الرد).
قال السهيلي: (وأما اعتناء موسى عليه السلام بهذه الأمة وإلحاحه على نبيها أن يشفع