الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٣٦٣
ويتشغب، فدخل الرسول على علي بن أبي طالب وأعطاه [الطومار] ففض خاتمه وفتحه إلى آخره فلم يجد فيه كتابة فقال للرسول: ما وراءك؟ قال: آمن أنا؟ قال:
نعم إن الرسول لا يقتل، قال: إني تركت ورائي قوما (1) يقولون: لا نرضى إلا بالقود.
قال: ممن؟ (2) قال: يقولون: من خيط رقبة علي، وتركت ستين ألف (3) شيخ يبكي تحت

(1) في (أ): أقواما.
(2) ذكر الطبري في تاريخه: 3 / 464 قال: ممن؟ قال: من خيط نفسك وتركت ستين... فقال: مني يطلبون... ألست موتورا كترة عثمان... أمرا أصابه...
(3) وفي الإمامة والسياسة: 1 / 103: إني أحلف بالله لقد خلفت بالشام خمسين ألف شيخ خاضبين لحاهم من دموع أعينهم تحت قميص عثمان، رافعيه على الرماح مخضوبا بدمائه، قد أعطوا الله عهدا أن لا يغمدوا سيوفهم ولا يغمضوا جفونهم... وأحلف بالله ليأتينكم من خضر الخيل اثنا عشر ألفا... فقال علي: ما يريدون بذلك؟ قال: يريدون بذلك والله خيط رقبتك. فقال علي: تربت يداك، وكذب فوك، أما والله لو أن رسولا قتل لقتلتك.
فقام الصلت بن زفر فقال: بئس وافد أهل الشام أنت ورائد أهل العراق، ونعم العون لعلي، وبئس العون لمعاوية، يا أخا عبس أتخوف المهاجرين والأنصار بخضر الخيل وغضب الرجال؟ أما والله ما نخاف غضب رجالك ولا خضر خيلك، فأما بكاء أهل الشام على قميص عثمان فوالله ما هو بقميص يوسف ولا بحزن يعقوب، ولئن بكوا عليه بالشام لقد خذلوه بالحجاز، وأما قتالهم عليا فإن الله يصنع في ذلك ما أحب. قال: وإن العبسي أقام بالعراق عند علي حتى اتهمه معاوية، ولقيه المهاجرون والأنصار فأشربوه حب علي، وحدثوه عن فضائله، حتى شك في أمره.
وذكر ابن أعثم في الفتوح: 1 / 504 قريب من هذا باختلاف يسير في اللفظ مضيفا: ثم وثب إليه رجل يقال له صلت بن زفر العبسي وهو صاحب حذيفة بن اليمان... قال: وهم الناس بالعبسي، وقاموا إليه بالسيوف، فقال علي (رضي الله عنه): دعوه فإنه رسول، ولكن خذوا منه الكتاب. قال: فأخذ الكتاب من يده ودفع إلى علي، فلما فضه لم ير فيه شيئا أكثر من " بسم الله الرحمن الرحيم ". قال: فعلم أن معاوية يحاربه وأنه لن يجيبه إلى شيء، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حسبي الله ونعم الوكيل، فأنشأ قيس بن سعد بن عبادة وهو يرتجز ويقول شعرا:
معاوي لا تعجل علينا معاويا * فقد هجت بالرأي السحيق الأفاعيا إلى آخر الأبيات، ولسنا بصددها لأن بعضها مطموسة.
قال: ثم إن العبسي رسول معاوية قام إلى علي (رضي الله عنه) فقال: يا أمير المؤمنين، والله لقد أقبلت وأنا من أشد الناس عليك حنقا لما أخبرني عنك أهل الشام، وقد والله أبصرت الآن ما فيه أهل الشام من الضلال وما أنت فيه من الهدى، لا والله ما كنت بالذي أفارقك أبدا ولا أموت إلا تحت ركابك، ثم إنه كتب إلى معاوية أبياتا مطلعها:
كدت أهل العراق بالبلد الشا * م شفاها وكان كيدي ضعيفا إلى آخر الأبيات، ولسنا بصددها أيضا قال: فلما انتهى شعره إلى معاوية ونظر إليه في عجب لذلك ثم أقبل على من بحضرته وقال: قاتله الله لقد قال وأبلغ ويله، إنما بعثناه رسولا فصار علينا محرضا.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 مقدمة التحقيق 9
3 ترجمة المؤلف 15
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 16
5 مكانته العلمية 17
6 شيوخه 20
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 21
8 آثاره العلمية 21
9 شهرة الكتاب 24
10 مصادر الكتاب 25
11 رواة الأحاديث من الصحابة 38
12 مشاهير المحدثين 46
13 مخطوطات الكتاب 54
14 طبعاته 57
15 منهج العمل في الكتاب 58
16 شكر و تقدير 60
17 مقدمة المؤلف 71
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 113
19 في المباهلة 113
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 141
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 163
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 177
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 181
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 195
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 207
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 219
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 281
28 فائدة 533
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 537
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 549
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 561
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 567
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 597
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 605
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 609
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 641
37 فصل: في ذكر البتول 649