الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٥٦٧
فصل في ذكر مناقبه الحسنة وما جاء في ذلك من الأحاديث والأخبار المستحسنة فمن ذلك ما ورد في الصحيحين من المناقب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):
الأولى: نزوله من المصطفى (صلى الله عليه وآله) منزلة هارون من موسى (1).
الثانية: شهادته (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) انه يحب الله ورسوله (2).
الثالثة: تخصيصه [(صلى الله عليه وآله)] له [(عليه السلام)] بالراية ذات المرتبة العلية، ووصفه له بالرجولة (3).
الرابعة: الشجاعة المنسوبة إليه وفتح خيبر على يديه (عليه السلام) (4).
الخامسة: علمه المشهور، وعمله المشكور (5).
السادسة: زهده المعروف الشهير الموصوف (6).

(١ - ٥) تقدمت تخريجاتها.
(٦) لسنا بصدد بيان الزهد لغة واصطلاحا وموضوعا بل نشير إشارة عابرة إلى زهد علي (عليه السلام) وخير كلام نفتتح به هذه الإشارة هو كلام ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه للنهج: ١ / ٢٦ تحقيق محمد أبو الفضل، قال: وأما الزهد في الدنيا فهو سيد الزهاد، وبدل الإبدال، وإليه تشد الرحال، وعنده تنقض الأحلاس، ما شبع من طعام قط، وكان أخشن الناس مأكلا وملبسا... ومثل هذا ورد في حلية الأولياء: ١ / ٨١.
ولا خلاف في أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أزهد الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو الذي بين مراتب الزهد وأعلى درجاته حيث قال: وإن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار. (انظر شرح النهج للفيض: ١١٨٢ الحكمة ٢٢٩، والبحار: ٤١ / ١٤). وعن النبي (صلى الله عليه وآله): ليس الزهد في الدنيا لبس الخشن وأكل الجشب ولكن الزهد في الدنيا قصر الأمل. (انظر قصار الجمل: ١ / ١٨٤ و ٢٨٤، الغرر والدرر: ٢ / ٦٣ ح ١٨٤٤ وقريب منه في أصول الكافي: ٥ / ٧١ و ٧٠).
استشهد (عليه السلام) ولم يضع لبنة على لبنة، ولا تنعم بشئ من لذات الدنيا، بل كان يلبس الخشن ويأكل الجشب ويعمل في أرضه فيستنبط منها العيون، ثم يوقفها في سبيل الله، ويصرف ما يصل إليه من مال على الفقراء والمساكين وفي سبيل الله.
قال المسعودي في تاريخه: ٢ / ٤٣٣: لم يلبس (عليه السلام) في أيامه ثوبا جديدا، ولا اقتنى ضيعة ولا ريعا إلا شيئا كان له بينبع مما تصدق به وحبسه.
وانظر مروج الذهب أيضا: ٢ / ٣٤٤: دخل عليه رجل من أصحابه فقال: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ قال: أصبحت ضعيفا مذنبا، آكل رزقي وانتظر أجلي، قال: وما تقول في الدنيا؟ قال: وما أقول في دار أولها غم، وآخرها موت، من استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن، حلالها حساب، وحرامها عقاب، قال: فأي الخلق أنعم؟ قال: أجساد تحت التراب قد آمنت من العقاب وهي تنتظر الثواب.
وانظر الوسائل: ١١ / ٨٣، وتذكرة الخواص: ١٠٥: كان (عليه السلام) يكنس بيت المال كل يوم جمعة، ثم ينضحه بالماء، ثم يصلي فيه ركعتين، ثم يقول: تشهدان لي يوم القيامة.
وانظر روضة الكافي: ١٦٥ ح ١٧٦: كان (عليه السلام) يستقي ويحتطب، وكانت فاطمة (عليها السلام) تطحن وتعجن وتخبز وترقع....
أما ما قاله (صلى الله عليه وآله وسلم) في زهد علي (عليه السلام) كما جاء في أسد الغابة: ٤ / ٤٣، وكشف الغمة باب المناقب:
١
/ ٢١٨، ومناقب الخوارزمي: ١١٦ ح ١٢٦ ط مؤسسة النشر الإسلامي بقم، وكفاية الطالب: ١٩١:
عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام): يا علي إن الله عزوجل قد زينك بزينة لم يتزين العباد بزينة أحب إليه منها، الزهد في الدنيا... وقريب من هذا في فرائد السمطين: ١ / ١٣٦ ح ١٠٠ ومثله أيضا في شرح النهج للعلامة الخوئي: ٢ / ٤٠٨، وكفاية الطالب: ٦٦.
وانظر بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة للعلامة محمد تقى التستري: ١ / ١٠٣ الطبعة الثانية طهران تحقيق أحمد پاكتچى: زاهد الزهاد، فقد طلق (عليه السلام) الدنيا ثلاثا وقال لها " غرى غيري " وهذه وردت في نهج البلاغة: ٤ / ١٦ حكمة ٧٧ من حديث ضرار قالها عند معاوية، ولذا قال (عليه السلام): ما لعلي ولنعيم يفنى، ولذة لا تبقى وهذه وردت في: ٢ / ٢١٨ ضمن خطبة ٢٢٢ وقال (عليه السلام): دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز. كما ورد في نهج البلاغة: ١ / ٣٧ خطبة ٣ المعروفة بالشقشقية.
وانظر وسائل الشيعة: ١ / ٦٦، ومجمع البيان: ٩ / ٨٨ روايات كثيرة عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) في زهده (عليه السلام) منها ما رواه عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: والله إن كان علي (عليه السلام) ليأكل أكل العبد، ويجلس جلسة العبد... ولقد ولي خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة... ولا أورث بيضاء ولا حمراء... وإن كان ليطعم الناس خبز البر واللحم، وينصرف إلى منزله ويأكل خبز الشعير والزيت والخل... وقريب من هذا في الروضة: ١٤٤ ح ١٧٣، والغارات: ١ / ٨١ وانظر قول عمر بن العزيز في تذكرة الخواص: ١٥٠: قال عمر بن عبد العزيز: ما علمنا أحدا كان في هذه الأمة أزهد من علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله). وانظر تاريخ دمشق ترجمة الإمام علي: ٢ / ٢٠٢ ح ١٢٥٤، ومناقب الخوارزمي: ١١٧ ح ١١٧.
وقال العقاد في عبقرية الإمام: ٢٩... فلم يعرف أحد من الخلفاء أزهد منه (عليه السلام) في لذة دنيا أو سبب دولة، كان وهو أمير المؤمنين يأكل الشعير وتطحنه امرأته بيديها، وكان يختم على الجراب الذي فيه دقيق الشعير فيقول: لا أحب أن يدخل بطني ما لا أعلم... وقال سفيان: إن عليا لم يبن آجرة على آجرة... قد أبى أن ينزل القصر الأبيض بالكوفة ايثارا للخصاص التي يسكنها الفقراء، وربما باع سيفه ليشتري بثمنه الكساء والطعام.
وانظر زهده أيضا في فرائد السمطين: ١ / ٣٥٢ ح ٢٧٨ وقصة سويد بن غفلة معه (عليه السلام). وقريب من لفظ الفرائد في البحار: ٤١ / ١٣٨، والغارات: ١ / ٨٠، والمناقب لابن شهرآشوب: ٢ / ٩٨، وكشف الغمة: ١ / ٢١٨، وتذكرة الخواص: ١٠٧ و ١١٠ عندما دخل عليه سويد بن غفلة قال: دخلت على علي (عليه السلام) يوما وليس في داره سوى حصير رث وهو جالس عليه، فقلت: يا أمير المؤمنين، أنت ملك المسلمين والحاكم عليهم وعلى بيت المال، وتأتيك الوفود وليس في بيتك سوى هذا الحصير شيء؟
فقال (عليه السلام): يا سويد، إن اللبيب لا يتأثث في دار النقلة، وأمامنا دار المقامة قد نقلنا إليها متاعنا، ونحن منقلبون إليها عن قريب. قال: فأبكانى والله كلامه.
وانظر قصة الأحنف بن قيس عند معاوية وقول الأحنف له في وصف الإمام علي (عليه السلام) كما وردت في تذكرة الخواص: ١٠٦، ونهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: ٢ / ٤٨. وقصته (عليه السلام) مع عقبة بن علقمة كما جاء في الغارات: ١ / ٨٤، أسد الغابة: ٤ / ٢٣. وقصته (عليه السلام) مع رجل من ثقيف كما في التذكرة:
١٠٧، وكشف الغمة: ١ / ٢٣٣، وسفينة البحار: ٢ / ٤٥٨ في قصة الكبد المشوي. وقصة الفالوذ ج في الغارات: ١ / ٦٢ و ٨٨ و ٩٧ وغير هذا كثير.
وانظر المصادر التي تبحث عن زهده (عليه السلام) مثل المناقب: ٢ / ٩٧، وشرح النهج للفيض: ٩٥٦ الكتاب ٤٥ وقصار الجمل: ١ / ٢٨٤ و ٢٨٥ وجامع السعادات: ٢ / ٥٢. وانظر أنساب الأشراف: ٢ / ١٣٠ و ١٤٠ وما بعدها تحقيق المحمودي الطبعة الأولى مؤسسة الأعلمي بيروت، الطبقات الكبرى: ٣ / ٢٨ ط بيروت، تاريخ ابن عساكر: ح ١٢٤٢، ومسند أحمد بن حنبل ح ٧ و ١٦ و ٢٤، المغني: ٢٠ / ١٤١، وانظر نهج البلاغة تحقيق (صبحي الصالح): ٢٨٣ خطبة رقم ١٩١، والمناقب للخوارزمي: ٦٦، وكشف اليقين: ٨٥ وما بعدها، وكشف الغمة: ١ / ١٦٣ و ٧٠، ونهج الحق وكشف الصدق لابن المطهر الحلي، ودلائل الصدق للشيخ المظفر: ٢ / ٥٣٦ و ٥٣٨، المعيار والموازنة: ٢٣٨ و ٢٣٩ و ٢٤١، وكشف المراد:
٤١٢. والمناقب لابن شهرآشوب: ١ / ٣٦٤ ط النجف، و: ٢ / ٥٢ ط النجف أيضا، و: ٢ / ٩٤ ط إيران، وتحف العقول تحقيق الغفاري: 180 وما بعدها.
(٥٦٧)
مفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (8)، أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله (5)، خيبر (1)، الشهادة (1)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم (1)، كتاب تذكرة خواص الأمة للسبط إبن الجوزي (4)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب أسد الغابة لإبن الأثير (2)، دولة ايران (1)، كتاب أصول الكافي للشيخ الكليني (1)، كتاب مروج الذهب للمسعودي (1)، كتاب كشف الغمة للإربلي (3)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)، كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي (2)، كتاب انساب الأشراف للبلاذري (1)، يوم القيامة (1)، كتاب وسائل الشيعة للحر العاملى (1)، كتاب فرائد السمطين (2)، مدينة الكوفة (1)، كتاب الطبقات الكبرى لإبن سعد (1)، مدينة النجف الأشرف (2)، كتاب نهج البلاغة (4)، مدينة بيروت (2)، مدينة طهران (1)، إبن عساكر (1)، عمر بن عبد العزيز (1)، الأحنف بن قيس (1)، عمار بن ياسر (1)، ابن شهرآشوب (2)، سويد بن غفلة (2)، سبيل الله (2)، محمد بن قيس (1)، الخوارزمي (3)، دمشق (1)، الحزن (1)، الغنى (1)، الضياع (1)، الزهد (6)، الصدق (2)، العزّة (1)، الركوع، الركعة (1)، الأكل (1)، الطعام (2)، اللبس (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 562 563 564 565 566 567 570 571 573 574 575 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 مقدمة التحقيق 9
3 ترجمة المؤلف 15
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 16
5 مكانته العلمية 17
6 شيوخه 20
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 21
8 آثاره العلمية 21
9 شهرة الكتاب 24
10 مصادر الكتاب 25
11 رواة الأحاديث من الصحابة 38
12 مشاهير المحدثين 46
13 مخطوطات الكتاب 54
14 طبعاته 57
15 منهج العمل في الكتاب 58
16 شكر و تقدير 60
17 مقدمة المؤلف 71
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 113
19 في المباهلة 113
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 141
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 163
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 177
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 181
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 195
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 207
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 219
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 281
28 فائدة 533
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 537
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 549
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 561
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 567
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 597
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 605
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 609
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 641
37 فصل: في ذكر البتول 649