الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٣٧٩
وبعثت أم الفضل - ابنة الحارث أم عبد الله بن العباس (رض) - رجلا من جهينة استأجرته يسمى ظفرا (1) إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) يخبره بخروج طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة. قال: وخرجت عائشة ومن معها من مكة، فلما خرجوا منها وصاروا على مرحلة وجاء وقت الصلاة أذن مروان بن الحكم، ثم جاء حتى وقف على طلحة والزبير وابنيهما جالسين عندهما فقال لهما: على أيكما أسلم بالإمارة وأؤذن بالصلاة؟ فقال عبد الله بن الزبير: على أبي، وقال محمد بن طلحة: على أبي، فبلغ ذلك عائشة، فأرسلت إلى مروان وقالت: تريد أن يفترق أمرنا ليصل بالناس عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، فكان معاذ بن جبل يقول: والله لو ظفرنا لا قتتلنا ما كان الزبير يترك طلحة والأمر ولا كان طلحة يترك الزبير [والأمر].
وخرج مع عائشة أمهات [المؤمنين] مودعات لها إلى ذات عرق، وبكوا الإسلام، فلم ير يوم كان أكثر باكيا [وباكية] من ذلك اليوم، وكان يسمى يوم النحيب (2).

(١) في (ب، د): طغرا.
(٢) روى يوم النحيب الطبري في حوادث سنة (٣٦ ه‍): ١ / ٣١٤، وابن كثير: ٧ / ٢٣٠ عن سيف بن عمر التميمي عن ابن الشهيد عن ابن أبي مليكة قال: خرج الزبير وطلحة ففصلا، ثم خرجت عائشة، فتبعها أمهات المؤمنين إلى ذات عرق - حد بين نجد وتهامة - فلم ير يوم كان أكثر باكيا على الإسلام أو باكيا له من ذلك اليوم، كان يسمى " يوم النحيب " وأمرت عبد الرحمن بن عتاب [بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس قتل يوم الجمل في جيش أم المؤمنين عائشة] فكان يصلي بالناس، وكان عدلا بينهم...
ولسنا بصدد بيان هذا اليوم وبيان حال ووثاقة سيف بن عمر ومختلقاته، لكن نكتفي بما نقله العلامة العسكري في كتابه عبد الله بن سبأ: ١ / ٢٦٤ ط ٥ مط دار الزهراء بيروت ما ملخصه: إن خبر مشايعة أمهات المؤمنين لأم المؤمنين عائشة إلى ذات عرق لم نجد لهذا الخبر أثرا غير ما روي من حديث أم سلمة أو كتابها إلى عائشة لما همت بالخروج: يا عائشة، إنك سدة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين أمته، حجابك مضروب على حرمته، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه، وسكن الله عقيراك فلا تصحريها، الله من وراء هذه الأمة، قد علم رسول الله مكانك لو أراد أن يعهد فيك عهد بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد، ما كنت قائلة لو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد عارضك بأطراف الفلوات ناصة قلوصك قعودا من منهل إلى منهل؟ إن بعين الله مثواك، وعلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) تعرضين، ولو أمرت بدخول الفردوس لاستحييت أن ألقي محمدا هاتكة حجابا جعله الله علي، فاجعليه سترك، وقاعة البيت قبرك حتى تلقيه وهو عنك راض.
وذكر هذه المكاتبة والمراسلة بينهما ابن طيفور في بلاغات النساء: ٨، والزمخشري في الفائق:
١ / ٢٩٠، وباختلاف يسير في الإمامة والسياسة لابن قتيبة: ١ / ٧٦ تحقيق علي شري منشورات الشريف الرضي، وابن أعثم في الفتوح: ١ / ٤٥٦ الطبعة الأولى دار الكتب العلمية بيروت. وأضاف صاحب العقد الفريد: ٣ / ٦٩، و: ٤ / ٣١٧ ط دار الكتاب العربي: ولو أني حدثتك بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنهشتني نهش الحية الرقشاء المطرقة والسلام. فقالت: عائشة: يا أم سلمة، ما أقبلني لوعظك، وأعرفني بنصحك ليس الأمر كما تقولين، ولنعم المطلع مطلعا أصلحت فيه بين فئتين متناجزتين.
وفي المحاسن والمساوئ للبيهقي: ١ / ٤٨١ ط مكتبة نهضة مصر: أن أم سلمة حلفت أن لا تكلم عائشة من أجل مسيرها إلى حرب علي... فلم تكلمها حتى ماتت. (انظر المعيار والموازنة للإسكافي المعتزلي: ٢٧ - ٢٩، الغدير: ٩ / ٨٣ و ٣١٩، وشرح النهج لابن أبي الحديد: ٢ / ٧٩، وتذكرة الخواص:
٦٥.
وكتبت أم سلمة إلى علي (عليه السلام) من مكة كتابا جاء فيه: أما بعد، فإن طلحة والزبير وأشياع الضلالة يريدون أن يخرجوا بعائشة ومعهم عبد الله بن عامر، يذكرون أن عثمان قتل مظلوما والله كافيهم بحوله وقوته، ولولا ما نهانا الله عن الخروج وأنت لم ترض به لم أدع الخروج إليك والنصرة لك، ولكني باعثة إليك بابني وهو عدل نفسي عمر بن أبي سلمة يشهد مشاهدك فاستوص به يا أمير المؤمنين خيرا، فلما قدم عمر على علي أكرمه ولم يزل معه حتى شهد مشاهده كلها. (انظر المعيار والموازنة: ٣٠، تذكرة الخواص: ٦٥، تاريخ الطبري: ٥ / ١٦٧، الكامل في التاريخ: ٣ / 113).
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 374 379 380 381 382 383 384 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 مقدمة التحقيق 9
3 ترجمة المؤلف 15
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 16
5 مكانته العلمية 17
6 شيوخه 20
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 21
8 آثاره العلمية 21
9 شهرة الكتاب 24
10 مصادر الكتاب 25
11 رواة الأحاديث من الصحابة 38
12 مشاهير المحدثين 46
13 مخطوطات الكتاب 54
14 طبعاته 57
15 منهج العمل في الكتاب 58
16 شكر و تقدير 60
17 مقدمة المؤلف 71
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 113
19 في المباهلة 113
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 141
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 163
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 177
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 181
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 195
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 207
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 219
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 281
28 فائدة 533
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 537
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 549
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 561
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 567
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 597
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 605
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 609
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 641
37 فصل: في ذكر البتول 649