ثم قام من مجلسه حتى خرج من القصر ودخل المسجد فصعد المنبر فقال الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ونصر أمير المؤمنين يزيد وحزبه وقتل الكذاب ابن الكذاب وشيعته فقام إليه عبد الله بن عفيف الأزدي وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا عدو الله ان الكاذب أنت وأبوك والذي ولاك وأبوه يا ابن مرجانة تقتل أولاد النبيين وتقوم على المنابر مقام الصديقين فقال ابن زياد على به فأخذته الجلاوزة فنادى بشعار الأزد فاجتمع منهم سبعمائة رجل فانتزعوه من الجلاوزة فلما كان الليل أرسل إليه ابن زياد من أخرجه من بيته فضرب عنقه وصلبه في السبخة رحمة الله عليه.
ولما أصبح ابن زياد لعنه الله بعث برأس الحسين عليه السلام فدير به في سكك الكوفة كلها وقبائلها فروى عن زيد بن أرقم انه قال مر به على وهو على رمح وأنا في غرفة لي فلما حاذاني سمعته يقرأ أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا فقف والله شعري وناديت رأسك والله يا ابن رسول الله وأمرك أعجب وأعجب.
قلت قد تركت أمورا جرت من هؤلاء الطغام الأجلاف لعنهم الله وأبعدهم من رحمته عند قتله عليه السلام وما فعلوه من قطع يده ورشقه بالسهام والحراب وذبحه وأخذ رأسه وإيطاء الخيل جسده الشريف وسبى حريمه وانتزاع ملابسهن إلى غير ذلك من الأفعال التي لا يعتمدها ولا بعضها مسلم ولا يتأتى لمردة الكفار وفجارهم وطغاتهم الإقدام على مثلها والإصرار عليها وكذلك جرت الحال في حمل رأسه الكريم وحريمه الطاهرات إلى دمشق كما تحمل الأسرى والسبايا ودخولهم إلى يزيد بن معاوية على تلك الهيئة المنكرة والأحوال الشاقة وانفاذ ابن زياد يبشر أولياءه وأصحابه وتابعي رأيه بقتل الحسين عليه السلام.