وأوثقتهم من شبا شفارها الكلام.
هذا والحسين عليه السلام ثابت لا تخف حصاة شجاعته ولا تجف عزيمة شهامته وقدمه في المعترك أرسى من الجبال وقلبه لا يضطرب لهول القتال ولا لقتل الرجال وقد قتل قومه من جموع ابن زياد جمعا جما وأذاقوهم من الحمية الهاشمية رهقا وكلما ولم يقتل من العصابة الهاشمية قتيل حتى أثخن في قاصديه وقتل وأغمد ظبته في أبشارهم وجدل، فحينئذ تكالبت طغام الأجناد على الجلاد وتناسبت الأجلاد في المفاضلة بالحداد وثبت كثرة الألوف منهم على قلة الآحاد وتقاربت من الأنوف الهاشمية الآجال المحتومة على العباد فاستبقت الأملاك البررة إلى الأرواح وباء الفجرة بالآثام في الأجساد فسقطت أشلاؤهم المتلاشية على الأرض صرعى تصافح منها صعيدا ونطقت حالهم بأن لقتلهم يوما تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا وتحققت النفوس المطمئنة بالله كون الظالم والمظلوم شقيا وسعيدا وضاقت الأرض بما رحبت على حرم الحسين عليه السلام وأطفاله إذ بقى وحيدا.
فلما رأى عليه السلام وحدته ورزء أسرته وفقد نصرته تقدم على فرسه إلى القوم حتى واجههم وقال لهم يا أهل الكوفة قبحا لكم وتعسا حين استصرختمونا والهين فأتيناكم موجفين فشحذتم علينا سيفا كان في أيماننا وحششتم علينا نارا نحن أضرمناها على أعدائكم وأعدائنا فأصبحتم البا على أوليائكم ويدا لأعدائكم من غير عدل أفشوه فيكم ولا ذنب كان منا إليكم فلكم الويلات هلا إذ كرهتمونا والسيف ما شيم والجأش ما طاش والرأي لم يستحصف (1) ولكنكم أسرعتم إلى بيعتنا إسراع الدبا وتهافتم إليها كتهافت الفراش ثم نقضتموها سفها وضلة وطاعة لطواغيت الأمة وبقية الأحزاب