الروضة المختارة (شرح القصائد العلويات السبع) - ابن أبي الحديد المعتزلي - الصفحة ١٥٣
عجبا لقوم أخروك وكعبك العالي * وخد سواك أضرع أسفل (1) إن تمس محسودا فسوددك الذي * أعطيت محسود المحل مبجل (2) عضب تحز به الرقاب يمده * رأي بعزمته يحز المفصل (3) وعلوم غيب لا تنال وحكمة * فصل وحكم في القضية فيصل (4)

١ جعل كعبه عليه السلام الذي يباشر الأرض عاليا على غيره وجعل خد من تقدم عليه بغير حق أضرع أي ذليلا مستفلا ومن قدم الأسفل على الأعلى فقد حق التعجب منه وهذا أحسن من قول أبي تمام:
بلوناك أما كعب عرضك في العلى * فعال ولكن خد مالك أسفل 2 علل فعل القوم الذي أخروه بالحسد ثم قال ومثل سؤددك يحسدك لشرفك وفضلك ومزاياك التي تفردت بها والسؤود مصدر ساد يسود سيادة.
3 شرع يذكر شيئا من فضائله التي حسد لا جلها فمنها سيفه الذي كان إذا اعتلى قد وإذا اعترض قط، ومنها رأيه الأعلى الذي به يقطع السيف. والمفصل. بفتح الميم وكسر الصاد واحد المفاصل وبالعكس اللسان.
4 ومنها الحكمة وهي العلم وجميع الصحابة احتاجوا إليه في العلم وهو لم يحتج إلى أحد منهم. والفصل القطع يعني أن علمه قاطع بالحق ومنها الحكم في القضايا والمشكلات وقد نص النبي صلى الله عليه وآله أنه أقضى الصحابة وقضاياه أكثر من أن تحصى، روى الخوارزمي مرفوعا إلى أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن أقضى أمتي علي بن أبي طالب، وروي أيضا مرفوعا إلى سلمان عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أعلم أمتي علي ابن أبي طالب وروي أيضا مرفوعا إلى عمر بن الخطاب أتي بامرأة مجنونة قد زنت فأراد أن يرجمها فقاله عليه السلام أما سمعت ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يبرأ وعن الغلام حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ قال فخلى عنه وروي أيضا أنه لما كان في ولاية عمر أتي بامرأة حامل فسألها عمر فاعترفت بالفجور فأمر بها أن ترجم فلقيها علي بن أبي طالب فقال ما بال هذه فقالوا أمر بها عمر أن ترجم فردها أمير المؤمنين علي عليه السلام.
وقال لعمر أمرت بها أن ترجم فقال نعم اعترفت عندي بالفجور فقال عليه السلام هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها ثم قال علي فلعلك انتهرتها وأخفتها فقال قد كان ذاك فقال أو ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لا حد على من اعترفت بعد بلاء إنه من قيد وحبس أو هدد فلا إقرار له، فخلى عمر سبيلها ثم قال عجزت النساء أن تلد مثل علي بن أبي طالب، لولا علي لهلك عمر، وروى الشيخ المفيد أنه استدعى امرأة كانت تتحدث عندها الرجال فلما جاءتها رسله فزعت وارتاعت فخرجت معهم وكانت حاملا فأسقطت ووقع ولدها إلى الأرض فاستهل ثم مات فبلغ ذلك عمر فجمع أصحاب رسول الله وسألهم عن الحكم في ذلك فقالوا بأجمعهم نراك مؤدبا ولم ترد إلا خيرا ولا شئ عليك في ذلك وأمير المؤمنين عليه السلام جالس لا يتكلم فقال عمر ما عندك يا أبا الحسن فقال أما قد سمعت ما قالوا قال فما عندك أنت قال قد قال القوم ما سمعت قال أقسمت عليك لتقول ما عندك قال إن كان القوم قد قاربوك فقد غشوك. وإن كانوا باعدوك فقد قصروا الدية على عاقلتك لأن قتل الصبي خطأ تعلق بك فقال أنت والله نصحتني من بينهم والله لا نبرح حتى نخرج الدية على بني عدي. ففعل أمير المؤمنين عليه السلام وذكر ابن أبي الحديد هذه الحكاية في شرح النهج وقال: أفتاه بأن عليه عقرة.
أي عتق رقبة فرجع عمر إلى قوله: والفيصل الحاكم وقيل: القضاء بين الحق والباطل.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست