وقال: إن كانت القصة على ما في كتاب الله تعالى فما ينبغي أن نلتمس خلافها، وإن كان على ما ذكرت وكف الله عنها سترا على نبيه فيما ينبغي إظهار ما عليه، فقال عمر: سماعي هذا الكلام أحب إلى مما طلعت الشمس عليه * فإذا ثبت هذا فلنبحث أنه هل في الآية ما يدل على صدور الصغيرة عنه أم لا؟ فنقول: قال كثير من أهل الحق قول الله (هل أتاك نبأ الخصم) أخبر عن جماعة أنهم تسوروا قصره قاصدين قتله والإساءة إلى أهله فدخلوا قصره في وقت ظنوا أنه غافل. فلما رآهم داود عليه السلام خافهم لما تقرر في العرف أنه لا يتسور أحد دار غيره بغير أمره إلا لسوء يريده من قتله أو لمكاره على أهله أو سرقة ماله خصوصا إذا كان صاحب الدار شخصا معظما فلما رأوه مستيقظا انتقض عليهم التدبير فاقترح بعضهم عند فزعه خصومة لا أصل لها زاعما أنهم قصدوه لأجلها دون ما توهمه فقالا (خصمان بغى بعضنا على بعض) ثم ادعى أحدهما على الآخر مالا. فقال (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة) الآية فقال داود عليه السلام (لقد ظلمك) الآية ثم قال الله تعالى (فظن داود إنما فتناه) أي امتحناه. لكنه لم يعمل على ظاهر الحال، ولم ينتقم منهم مع كونه ذا أيد وقوة وسلطان وقدرة بل صار مستغفرا للقوم الذين قصدوه وطالبا من الله تعالى العفو عنهم وذلك إن الله تعالى لم يقل إنه أذنب ولا أنه استغفر لنفسه فإن المستغفر قد يستغفر لنفسه تارة ولغيره
(٧٧)