أصحابه وأحبائه في الزوج والمنكوح * فبان أن الله تعالى لما وصفه بهذه الصفة كان القول بما ذكروه من الفاحشة باطلا، إذ ما قبل تلك الصفة هي هذه الممادح، وما بعدها قوله تعالى (يا داود إنا جعلناك خليفة) وهذا أيضا من أجل الممادح فلو توسطها ما يدل على أفحش المقابح لجرى ذلك مجرى قول من يقول فلان عظيم الدرجة في الدين على الرتبة في طاعة الله، يقتل ويزني ويلوط وقد جعله الله تعالى خليفة لنفسه وصوبه في أحكامه، وأمر أكابر الأنبياء بالاقتداء به فكما أن هذا الكلام لا يليق بعاقل فكذا هاهنا * [الثامن] أنه قال بعد تمام القصة (جعلناك خليفة في الأرض) وترتيب الحكم على الوصف مشعر بكون الوصف علة لذلك الحكم فعلى ما ذكروه يلزم أن يكون تفويض خلافة الأرض إليه بسبب إقدامه على القتل والفسق، وذلك مما لا يقول به عاقل * [التاسع] أنه قال في حق الرسل (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار وأنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) وكل ذلك ينافي وصفهم بالإقدام على الكبيرة والفاحشة * [العاشر] إنهم ذكروا في روايتهم أن داود عليه السلام تمنى منزلة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب قال " رب إن آبائي قد ذهبوا بالخير كله فأوحى إليه: إنهم إنما وجدوا ذلك لأنهم لما ابتلوا صبروا فسأل الابتلاء فأوحى الله إليه: إنك لمبتلى في يوم كذا فاحترس " ثم وقع فيما وقع فيه إلى آخر القصة، فدل أول حكايتهم على أن الله تعالى
(٧٤)