أخرى. قال الله تعالى في وصف الملائكة (ويستغفرون للذين آمنوا) وقال أولاد يعقوب لوالدهم (يا أبانا استغفر لنا) ثم قال الله تعالى (فغفرنا له ذلك) معنى غفرنا لأجل حرمة داود لأولئك وقبلنا شفاعته في التجاوز عنهم فهذا الذي قلناه مما ينطبق عليه لفظ الكتاب العزيز، فلا يحتاج فيه إلى المجاز من حمل الخصمين على الملكين، وادعاؤهما الخصومة على التمسك لا على التحقيق، وحمل النعجة على المرأة ويناسبه أمر رسولنا عليه الصلاة والسلام بالاقتداء به في قوله (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل) وتأدب به عليه الصلاة والسلام يوم أحد لما هشمت ثناياه فقال " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " ويناسبه ما حصل عقيبه من المنصب العظيم وهو خلافة الله في أرضه * ووجه آخر: لعل الاستغفار إنما كان لأن القوم لما تسوروا ظن داود عليه السلام بهم أنهم يقصدون قتله فلما لم يظهر الأمر كما ظن ندم على ذلك الظن، فكان الاستغفار عليه، أو لأنه لما هضم نفسه ولم يؤدبهم ولم ينتقم منهم مع القدرة التامة دخله شئ من العجب على كمال حلمه، فكان الاستغفار منه لأن العجب من المهلكات. فهذا قول من يقول لا دلالة في الآية على شئ من الزلات وهو الحسن عندي * [القول الثاني] وهو قول من سلم دلالتها على الصغيرة فلهم فيها وجوه خمسة [الأول] أنه عليه السلام كان عالما بحسن امرأة أوريا فلما سمع أنه قتل قل غمه لميل طبعه إلى نكاح زوجته، فعوتب عليه
(٧٨)